كل إناء بما فيه ينضح
ما قصة هذا المثل العربي القديم المشهور بين الناس ؟
إذا ملأتها بالماء تسمى ( قربة )
إذا ملأتها باللبن تسمى ( شکوة )
وإذا ملأتها بالسميد الدقيق تسمى ( مزود )
إذا ملاتها بحليب الإبل تسمى ( اسماط )
إذا ملأتها بالسمن تسمى ( عكة )
وإذا ملأتها بدبس التمر تسمى ( بطانة )
إذا ملأتها بالهواء تسمى ( زكرة )
( وكل إناء بما فيه ينضح )
هكذا البشر قد تتشابه أجسادهم وتختلف أرواحهم وعقولهم ، و أنت بما تملأ به نفسك يراك غيرك .
قصة المثل :
يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك ثلاثة أشخاص مسافرين ،
يمشون سوياً على الطريق في الصباح الباكر ، فرأوا من بعيد شخصاً يقوم بحفر بئر على جانب الطريق.
فقال الأول : شاهدوا ذلك الرجل إنه يحفر حفرة في هذا الوقت المبكر من اليوم ،
قد يكون قتل شخصاً ما وأراد أن يدفنه في هذه الحفرة حتى لا يراه أحد .
أما الثاني فقال : لا أتفق معك ، لا بد أنه ليس بقاتل ،
وإنما هو شخص بخيل لا يعطي ثقته لأي أحد ، فقام بإحضار ماله وأراد أن يخفيه في تلك الحفرة .
أما الثالث فقال : لا هذا ولا ذاك ، إنما هذا شخص طيب وكريم ،
أراد أن يحفر بئر للمياه حتى يشرب منه الناس الذي يمرون على الطريق ، فجاء وبدأ في حفر تلك الحفرة في الصباح الباكر .
إقرأ أيضا: ما معنى قرة عين ؟
وقد سمعهم شيخ كبير في السن كان يرعى غنمه بالقرب منهم
فقال لهم : ( كل إناء بما فيه ينضح )
فسمعوه وانصرف هو لحال سبيله.
فأصبحت مقولة الشيخ مثلاً بليغاً ومعبراً تتداوله الألسن بعد ذلك.
العبرة من هذه القصة :
أن كل إنسان يرى الناس بعين طبعه
وأن كل إنسان يتوقع ما يقوم به الناس من أفعال حسب تفكيره وأخلاقه ،
فيرى الفعل السيء والفعل الجيد حسب فرضياته وتوقعاته الناجمة عن مجتمعه الذي ينخرط به.
ومن هنا جاء هذا المثل ( كل إناء بما فيه ينضح )
بمعنى :
إذا كان في الإناء عسل ، سينضح بالعسل
وإذا كان في الإناء ماء ، سينضح بالماء
وإذا كان في الإناء القطران ، سينضح بالقطران
إذا كان في الإناء الخمر ، سينضح بالخمر .
كذلك لا يحمل هذا المثل العربي القديم معنى واحد فقط ، بل يحمل معنيين حسب سياق الكلام .
أولهما : أن كل إنسان يُظهر ما في باطنه حتى وإن أخفاه
والثاني : أن كل إنسان يرى الناس بعين طبعه.