كم يغيظني أن يكلف الأنبياء بصناعات الحديد ، وأن يطالبوا بتجويد آلات الحرب وإتقانها.
أن يتعلم الصالحون الرمي وإصابة الهدف ،
وأن يكونوا خبراء في بناء الحصون وتشييد الإستحكامات العسكرية ، إلخ.
بينما صالحونا لا يدرون عن ذلك شيئا.
إن إصابة الأهداف من الأرض إلى الأرض ، أو من الأرض إلى الجو ، أو من البحر إلى البر ،
تتطلب علوما كثيرة من طبقات الأرض ، إلى طبقات الجو ، ومن الهندسة إلى الطبيعة والكيمياء ، والفلك.
أكان داوود يعبث عند ما قيل له
«أن اعمل سابغات وقدّر في السرد»؟
أكان ذو القرنين يعبث عندما أوقد الأفران وصهر المعادن وأقام خطا من الحصون المنيعة؟
أكان محمد الفاتح يعبث عند ما سيّر السفن على اليابسة وأكمل الحصار على خصومه؟
إن الذين يحسبون علوم الكون والحياة علوما طفيلية على دين الله ويظنون العبادة حمل السبح وتحريك حبّاتها بكلمات مأثورة ناس عميان لا وزن لهم.
مستضعفون صغار لا حلوم لهم
فلا تغرّنّك أيد تحمل السبحا
لو تعقل الأرض ودّت أنّها صفرت
منهم فلم ير فيها ناظر شبحا.
ولن يبصر المسلمون الطريق ، إلا إذا عادوا إلى الفلسفة القرآنية العملية ، وفقهوا قوله تعالى :
(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز )