كنت أعتز بوجود محادثة قديمة بيني وبين صديقتي ، بها تفاصيل حياة ومذكرات أيام طويلة بحلوها ومرها ،
بها لحظات غضب وخذلان ولحظات تجريح ودفء وتطمين ،
بها عصبية مفرطة ، وحنان غامر ،
لا أذكر أني أعدت قراءتها لغرضٍ غير الإبتسامة ،
أو أحياناً بكل جنون ، أبحث عن كلمة معينة بها ، وأقرأ كم مرة ذكرناها!
حتى الكلمات التي أوجعتني يوماً أبتسمُ حين أعيد قراءتها ، فببساطة أبتسم على كمية تمسكنا ببعضنا ،
وكيف أن الأمور وصلت بيننا إلى هذا الحد الذي يجعلنا نسأل : (هل سنعود كما كنا بعدها ؟)
أذكرُ أني سألتها ذات مرة عن إقتباسٍ يقول : أن الخيط الذي يُقطع ويوصل مرّاتٍ عدّة ، لا يرجع خيطًا ، بل يُصبح كتلةً من العُقد.
فقالتْ بجوابٍ لطيف ككلِ أجوبتها : (هذه العقدُ تزينه فيكون أجمل حينها )
كنت تماماً كمن يمسك بدفتر كتب فيه جزيئات عمره ، حتى أني قررت مرة طباعتها على ورق بتوقيتها وتواريخها بكل ما فيها وأضعه قربي دوماً ،
لكن ذات خصام إختلفنا
ومسحتُ كل شيء جمعني بها
تلك المحادثة ، والصور ، النصوص ، والحساب نفسه ،
كل شيءٍ إنتهى بلا شيء ، كأن شيئاً لم يكن ، و كأن كلاما قيلَ لم يقال !
إعتدتُ على الدخول إليها كلما احتجت أن أتذكر أمرا ، فبها تفاصيل لا يمكنني إيجادها بمكانٍ آخر ،
(روابط مقاطع أحببناها معا ، أسماء أدوية أخذتها بفترة ما ، صور قديمة ، وسكرينات لا أجدها في هاتفي ،
ومسودات خواطري التي لا أقرأها أنا حتى ، ملابس أحببناها ، ووجبات طعام ، وتصاميم فيديو ، وأحلام وطموحات والكثير )
إقرأ أيضا: أحببته بجنون وإدمان حتى انتهى الحب نفسه
ولأننا كعادتنا نعود في النهاية ، عدنا
ولم تعاتبني بأكثر من كلمة (تخليت عن ماضيك بسهولة!)
أنا على يقين أننا سنتحدثُ بما يكفي لتعود أطول مما كانت ،
لكن أدركت أيضا أننا ومهما هربنا ، فلن نستطيع إنتزاع بعض الأشخاص منا
هو أمر تافه ربما لغيري ،
لكني شعرت حينها أني أقطع جزءاً من قلبي
مسحت رسائل بها إنكساراتنا ، هزائمنا وضحكاتنا ،
فهي ليست محادثة بل مراحل مختلفة من حياتنا.