الحب في الحياة

كنت طفلاً في السابعة من العمر

كنت طفلاً في السابعة من العمر عندما سمعت عن طلاق عمتي و مجيئها للإقامة في بيتنا ،

توقعت أن أرى إنسانة حزينة من ردود أفعال أمي لكن المفاجأة أن عمتي كانت مبتسمة
عندما كبرت عرفت أن زوجها طلقها لعدم إنجابها ،

لم تكن ناقمة حتى عليه ، كانت تقول في ثقة الحق معه ، هو محتاج للخلفة.

أمي كانت تصاب بارتفاع الضغط لأن عمتي ليست ناقمة على زوجها الذي طلقها ، لكن عمتي كانت تقول جملة غريبة ،

الرفق جوهرة ، لم أكن أفهمها لكني مع الوقت فهمت.

عمتي إنسانة رفيقة تربت على التماس الأعذار و أن الرفق بالآخرين هو أهم شيء
كانت تعاون أمي في تربيتنا ،

تحكي القصص و تساعد في الرعاية بلا أي عصبية ، و عندما كانت أمي تجري ورائي لتضربني كانت عمتي تقول هذا سندك لا تضربيه.

فتتراجع أمي طالما أحببت عمتي رغم أنها من ناحية الشكل ليست بالجميلة ، و المدهش أن زوجها بقي يتواصل و يريد إعادتها إلى عصمته

و كان قد أنجب من زوجة أخرى لكنها اعتذرت.

سمعته يقول لها ، أريدك أن تربي أبنائي لكنها ردت عليه الله يوفقك.

أمي الغالية كانت عصبية و عمتي كانت هادئة.

أصاب أمي مرض احتاجت معه إلى ملازمة المستشفى و عمتي قامت برعايتنا أثناء غيابها ،

عمتي كانت تقول دائماً هذه العبارة
الرفق جوهرة

و فهمت أنها تعني الهدوء ، لا تضرب و لا تنفعل و لا تعادي

كانت تقول أن الإنسان أحوج مخلوق إلى الرفق

و لا أنسى عندما كادت احدى أشجار حديقتنا أن تموت فعطفت عمتي عليها و اهتمت بها حتى عادت إلى النمو.

عمتي هي التي علمتني الصلاة
قلت لها : أليس ربنا عظيم

إذا لماذا يحتاج منا الصلاة بماذا ستنفعه
قالت بهدوء

الذي يتصل بملك الملوك هو الذي يستفيد أم الملك يا صغيري نحن نصلي من اجلنا ، نحن نحتاجها

أخي كان عالي الصوت و كانت تقول له دوماً أحب صوتك الرائع المنخفض و كان يندهش ثم فجأة بدأ يخفضه.

1 3 4 10 1 3 4 10

عادت أمي من المستشفى لتجدني أصلي و أخي قد كف عن ارتفاع الصوت
رأيت مرة عمتي تتأمل صورة زفافها

سألتها أأنتِ زعلانة لإنك لم تنجبي

قالت : هي الخلفة بيد من
قلت : بيد الله

قالت في يقين ، الله لا يريد بي إلا خيرا أنا لست منزعجة

بصراحة كنت أشعر في بعض الأحيان إنها مفتقدة لزوجها لكنها ليست راضية بالرجوع إليه رغم إلحاحه عليها بالعودة إليه .

لا أنسى يوم عاد إلى بيتنا يومها جلس معها و مع أبي و أعمامي لإقناعها بالعودة إليه ، كان نادماً على الطلاق

قلت لها ارجعي له كانت تبكي في حجرتها طبطبت عليها .

قالت لي زوجته الجديدة رافضة رجوعنا لا اريد تضييعه هو و أطفاله لكن زوجها كان مصراً على إعادتها.

سألته لماذا
قال لي لا يوجد مثلها ، كانت أهم من كل شيء لكن أنا كنت غبي عندما طلقتها أصرت على عدم العودة كنت بجوارها.

عندما تلقت اتصالا من زوجته الثانية صارخة متوعدة أبعدي عنه و ردت عمتي برفق حاضر و أغلقت الخط.

كنتُ منفجراً ( لماذا لم تصرخي )
قالت بالدموع ( زوجة خائفه على زوجها )

تدهورت الحالة النفسية لزوج عمتي حتى اضطرت زوجته إلى الاتصال بعمتي ترجوها العودة إليه ، كنت مندهشا

أعلم أن عمتي تحبه ، و عندما عادت إليه ردت الحياة إلى نفسه لكن المدهش .

هو أن كراهية زوجته لعمتي بدأت في الازدياد مع تحريض أولادها ضد عمتي
لكن عمتي كانت تصبر و تحتضنهم ، تعلقوا بها أكثر من أمهم

ثم تعلقت بها زوجة زوجها عمتي كانت توصيه خيرا بها.

و كانت تقول لها أنتِ الودود الولود و أنا عاقر

عمتي قصة من الصبر و الإنسانية المكتملة

اليوم بعد أن توفاها الله فجأة أقف على دفنها و إلى جواري زوجها الباكي و أبناؤه الثلاثة و أخي و أتذكر كلماتها ، الرفق جوهرة .

وانا ها اقول لكم الرفق جوهرة
والحياة جميلة بتواضعنا لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?