كونوا إبراهيم هذا الزمان
ذكروا أن صاحبا لإبراهيم بن أدهم مر عليه وهو جالس مع أصحابه فنظر إليهم ولم يسلم عليهم ،
فقال بعضهم : أرأيت يا إبراهيم كيف نظر إلينا ولم يلق السلام علينا.
فقال إبراهيم : لعله يكون مكروب فلا يذهل عن أصحابه إلا من به كرب.
فلحق به إبراهيم وقال له : مالك لم تلق علينا السلام يا أبا فلان ؟!
قال : إمرأتي تلد وليس عندي ما يصلحها ،
( أي ما يكفي لحاجتها ) ، ثم إنصرف من أمامه.
فقال إبراهيم لأصحابه : والله لقد ظلمناه مرتين ،
مرة أن أسأنا به الظن ، ومرة أن تركناه حتى احتاج!
ثم اقترض إبراهيم بن أدهم دينارين واشترى بدينار منها لحما وعسلا وزيتا ودقيقا ، وأسرع بها إلى بيت صاحبه.
فلما طرق الباب قالت زوجة صاحبه وهي تتوجع : من بالباب؟!
قال : أنا إبراهيم بن أدهم.
{ خذي ما عند الباب ، فرج الله عنك }.
ثم إنصرف.
فلما فتحت ووجدت الحاجيات وفوقها الدينار الآخر ، سمعها من بعيد تدعو متأثرة وتقول :
اللهم لا تنس هذا اليوم لإبراهيم أبدآ.
فكم من المكروبين ينتظرون طعام إبراهيم وديناره ؟!
وكم من المستورين ينتظرون عونكم وغوثكم ؟!
فسارعوا بصدقاتكم وزكاتكم ولا تنتظروا شهر رمضان فهم بحاجة وضيق لا يعلمه إلا الله.
وكم من عفيفة لما يأتيها عطاء إبراهيم تلح بالدعاء له.
وما أدراكم ما تكون دعوة مكروبة ضعيفة عند الله.
كونوا إبراهيم هذا الزمان ..
فالدعوة التي يدعوها المكروب عندما تنفس عنه كربه ، أصدق دعوة دعا بها إنسان ، لأن المكروب مفتوح القلب على السماء.