لا بأس إنهض وحاول الليلة مرة أخرى ، إرفع يدك بذات الدعاء الذي دعوت به مرارا ولم يتحقق ،
إستشعر كل كلمة فيه ، ثم ضم إليه أسماء من تحب عسى أن يقال في حقك ولك مثله.
إطمئن بكلام ربك العظيم ، فحين يأتي وقت رِزقك سيسبب الله لك الأسباب ، ويفتح لك الأبواب ، فاصبِر وما صبرك إلا بالله.
رتل سورة البقرة بتؤدة ، سكن قلقك بالتسليم إلى مولاك ، ملكه زمامَ أمرك ،
واسأله ألا يجعلك من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
عاهده أن تحاول حتى الرمق الأخير ، وأن ترضى لما يحيطك به كرضاء إسماعيل ،
وأن تصبر لقضائه فيك كما صبر أيوب ، وأن تثق برحمته بك ولطفه عليك كما وثق به في قلب النار إبراهيم!
سبحه كتسبيح يونس في بطن الحوت ، وأحْسِن إلى الناس جميعا كما أحسن محمد إلى أعدائه ،
واصنع معروفا كموسى ، ثم ردد دائمًا “رَبِّ إني لِمَا أَنزلتَ إِليِّ مِن خير فَقِير”.
هذه الهرولة إلى الله ستشعل بقلبك نورا ما ، حذارِ أن يطفئه في عينيك الواقع الكئيب ، وستورثك رضاء بقدر الله ،
فحاول جاهدا أن تضيء طريقك به ، واحمده على السراء والضراء حمدا يبلغك مقام سمع الله لمن حمده ،
وهذا مقام شريف ، فاسأل الكريم العظيم أن يديمه عليك.
قم ، إن أصحاب الرؤى والغايات العظيمة لا ينامون ،
يستشعرون ما قاله النبي محمد ذات يوم قبل ألف وأربعمئة عام “إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي”،
حاول حتى اللحظة الأخيرة ، وقاوم حتى الرمق الأخير فإن نجوت فاشكره حق شكره ،
وإن أخفقت فصبِر نفسك بأنك قد سعيت لكن الحكيم الرحيم قدر شيئا آخرا ،
وقد رضيت بحكمته حتى لو لم تدركها ، ورأيت رحمته في منعه عنك ما ترغب حتى في عز إحتياجك له ورغبتك به ،
ثم اسأله صادقا أن يخفف عنك مشقة الرغبة ووحشة الطريق.