لا تتوضأ وأنت في غفلة
هذه لفتة لطيفة للذين يتوضؤون وهم يضحكون أو يتكلمون أو يغتابون.
سألني صاحبي وهو يحاورني : كيف تتوضأ؟
قلت ببرود: كما يتوضأ الناس!
فأخذته موجة من الصمت ثم قال مبتسما : وكيف يتوضأ الناس؟
إنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة علمني إياها شيخي فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ،
وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة ، لا أستطيع التعبير عنها!
تأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً ،
فعن أبي هريرة أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
“إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ،
فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ،
فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
(صحيح مسلم )
ثم حدق في وجهي وقال : لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ، فإنك ستجد للوضوء حلاوةً ومتعة ،
وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك
هذه المعاني الراقية!
وعليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك ، قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة.
أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ، نور على نور ، ومعانٍ تتولد من معان!
قال وهو يبتسم ، بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية.
إقرأ أيضا: لتسهيل معرفة بدايات السور في القرآن الكريم
عن عمر بن الخطابِ رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال :
ما مِنْكُمْ مِنْ أَحدٍ يتوضَّأُ فَيُبْلِغُ أَو فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ :
أَشْهدُ أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريكَ لهُ ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرسُولُه ، إِلاَّ فُتِحَت لَهُ أَبْوابُ الجنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّها شاءَ»
رواه مسلم.
وزاد الترمذي: اللَّهُمَّ اجْعلْني من التَّوَّابِينَ واجْعلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ.