لا تزال مراهقة
لا تزال مراهقة
منذ طفولة جنى كانت المشاكل لا تنتهي بين والديها ، ولا تمضي بضعة أيام بسلام ، حتى تغضب أمها أياما وأسابيع بمنزل أهلها ،
مما جعل جنى تحيا مع أم أبيها وقتا أكثر من الذي عاشته مع أمها.
كانت أم أبيها تحاول كسب جنى بالمعاملة الحسنة ، والحب والعطف ، لعلها تغيظ زوجة ابنها بها ،
مما جعل أم جنى تشتعل غيظاً وتفرّغ غضبها بجنى ، خاصة عندما تراها قريبة من حماتها.
ومع مرور الوقت باتت تصرفات جنى توضّح بأنها تحب أم أبيها كما لو أنها أمها الحقيقية.
مضت السنين ، وأصبحت جنى مراهقة وأختا لثلاثة أولاد ،
وطوال تلك السنين لم تتوقف عن حب أم أبيها التي ازداد حنانها وعطفها عليها بعد أن ازادادت معاملة أمها سوءاً لها.
لدرجة أن جنى لم تعد تستطيع أن تنادي أمها بأمي ، فقد بدأت مشاعر الكراهية تشتعل داخلها ،
مما جعلها دائمة التأفف بوجه أمها ودائمة النفور من إخوتها ،
خاصة عندما بدأت تشعر أن أمها تحب إخوتها أكثر منها وتميزهم عنها ، إلى أن أتى يوم وقالت أمها لها :
أنتِ خادمة لإخوتك ، ثم أصبحت تذيع بين أقاربهم :
ابنتي عاقّة ، تعامل إخوتها بسوء وتعاملني بقلة احترام ، وكل ذلك بسبب جدتها التي تحرّضها علينا.
حينها تأكدَّت جنى من شكوكها بأن أمها هي بالأصل زوجة أبيها ، وأن أمها الحقيقية قد توفيت وهي تلدها ،
مما جعل والدها يتزوج بالتي أصبحوا يدعونها أمها ،
فلم تجد طريقة لتواجه أمها إلا عن طريق سؤال أم أبيها التي أكدت لها بأن أمها هي أمها الحقيقية وهي التي ولدتها.
ورجحّت لها سبب معاملة أمها السيئة بأنها قد عانت كثيراً من أمها في طفولتها ومراهقتها مما جعلها تعامل ابنتها بنفس الطريقة
إقرأ أيضا: التقت به بعد خمس سنوات من فراقهما
لم تقتنع جنى بأن سوء معاملة جدتها لأمها هي السبب وراء سوء معاملة أمها لها ، كونها كانت ترى مدى حنان أمها على إخوتها.
بنفس الوقت قامت أم أبيها بإخبار ابنها بكل ما قالته ابنته ، لكنه لم يصدق ذلك ، مما جعله يختبر ردّة فعل ابنته بسؤالها :
جنى ، ما رأيك أن أطلق أمك وأتزوج غيرها؟
فردت بدون أن تبالي بوجود أمها : لمَ لا.
اتسعت حدقتا عينيه من الدهشة وهو يقول :
لكنها ستكون لا زوجة أب وليس أما.
حتى لو كان اسمها زوجة أب ، لكنها ستكون أحن من التي تدعونها أمي.
اشتعلت نيران الغيظ بقلب أمها التي انتفضت من مكانها وأعطتها صفعة جعلتها تسقط أرضاً.
شُلَّ لسان الأب عن الحركة ولم يجد من نفسه سوى أنه ساعد ابنته على النهوض وأخذها للمشي خارج المنزل ،
وعندما هدَأت عاد بها وقال لأمها على انفراد :
البنت في مرحلة طفولتها تميل لأبيها ، لكن عند مراهقتها تميل كل الميل لأمها ،
وبما أن ابنتك فضَّلت أن تأتيها زوجة أب عوضاً عنكِ فهذا يعني أن عليكِ مراجعة نفسكِ في معاملتكِ مع ابنتك ،
وتعويضها بالحب والحنان عن كل السنين التي حرمتيها منها وأنتِ بجانبها ،
فلو عاملتيها بحنان الأم واستوعبتيها ، لما وصلَتْ معكِ لهذه الدرجة ،
سارعي لكَسب ابنتكِ قبل أن يأتي وقت وتصبحي بأمسّ الحاجة إليها ولا تجديها.