لا تنظر إلى ما يرتسم على الوجوه ، ولا تستمع إلى ما تقوله الألسن ، ولا تلتفت إلى الدموع فكل هذا هو جلد الإنسان ،
والإنسان يغير جلده كل يوم ، ولكن إبحث عما تحت الجلد.
لا ليس القلب ما أعني ، فالقلب هو الآخر يتقلب ، ولهذا يسمونه قلبا.
ولا العقل ، فالعقل يغير وجهة نظره كلما غير الزاوية التي ينظر منها ، وقد يقبل اليوم ما أنكره بالأمس!
ألا يبدل العلماء ، حتى العلماء نظرياتهم؟!
إذا أردت أن تفهم إنسانا ما ، فانظر فعله في لحظة اختيار حر!
وحينئذ سوف تتفاجأ تماما ، فقد ترى تارك الصلاة يصلي ، وقد ترى الطبيب يشرب السم ،
وقد تتفاجأ بصديقك يطعنك ، وبعدوك ينقذك.
قد ترى الخادم سيداً في أفعاله ، والسيد أحقر من أحقر خادم في أعماله.
قد ترى ملوكاً يرتشون ، وصعاليك يتصدقون!
أنظر إلى الإنسان عندما يكون وحيداً ، أو في غربة لا يعرفه فيها أحد ،
أي بلا رقيب ولا حسيب ، حينما يرتفع عنه الخوف ، وينام الحذر وتسقط الموانع!
فتراه على حقيقته : يمشي على أربع كحيوان ، أو يطير بجناحيه كملاك ،
أو يزحف كثعبان ، أو يلدغ كعقرب ، أو يأكل الطين كدود الأرض!