لا يعمل المؤمن عملا إلّا بتوفيق اللهِ وهِدايتِه ، ولو وكله الله إلى نفسه لَضَلَّ طريقه ؛
فكل قوة يصِلُ بها المرء إلى غايته ؛ فإنَّما هي بِحَوْلِ اللهِ تعالى ومَعُونَتِهِ.
وفي هذا الحديث يخبر أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صل الله عليه وسلم ، أنَّه قالَ له :
“أَلَا أُعلِّمُكَ -أو أَلَا أَدُلُّكَ على-” وهو أُسلوبُ اسِتْفهامٍ ، الغَرَضُ منه الحضُّ على التعلم ،
وقوله : “كلمة من تحت العرش” ، أي : كَلِمةً أُنزِلَتْ منَ الكَنْزِ الذي تحتَ العرش ،
وهي أيضًا “مِن كَنْزِ الجنَّةِ؟” ومعنى الكَنْزِ هنا أنَّه ثوابٌ مُدخَّرٌ في الجنة ،
وهو ثوابٌ نفيسٌ لمن أرادَ تَحْصيلَه ، كما يُدَّخَرُ الكَنزُ ، وهو المالُ المجموعُ المُخبَّأُ ، أو أنَّها مِن ذَخائِرِ الجنة ومُحصِّلاتِ نَفائسِها ،
وذلك أنَّ قولَها يَحصُلُ به الثَّوابُ العظيم ، فتَنفَعُ صاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون.
“تقولُ : لا حوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ” ، ومَعْناها : التبرُّؤُ مِن القُوَّةِ والحِيلَةِ ، والإقرارُ بأنَّه لا يُوصَلُ إلى تَدبيرِ أمرٍ ،
وتغييرِ حالٍ إلَّا بِمَشِيئَةِ الله وعَوْنِهِ ، وقيل مَعْناها : لا حَولَ في دَفْعِ الشَّرِّ ، ولا طاقةَ بجَلْبِ خَيرٍ إلَّا بإذنِ اللهِ ،
وفيها اعِتْرافٌ مِن قائلِها بالإذْعانِ والخُضوعِ للهِ وتَسْليمِ الأمْرِ إليه ،
“فيقولُ اللهُ” ، أي: إذا قال العبد هذه الكلمة قال اللهُ عزَّ وجل لملائكتِهِ معلما لهم بكمالِ قائلِها ،
“أسْلَمَ عبدي” بمعنى انقادَ وتَرَكَ العِنادَ ، أو أخْلَصَ في العُبوديَّةِ بالتَّسْليمِ لأُمورِ الرُّبوبيَّةِ ،
“واسْتَسْلَمَ” بمعنى بالَغَ في الإنْقيادِ ، وقطْعِ النَّظَرِ عنِ العباد ،
وقيل: أي : فوَّضَ أُمورَ الكائِناتِ إلى اللهِ بأسْرِها ، وانْقادَ هو بنَفْسِهِ للهِ مُخلِصًا له الدِّينَ ؛
لأنها كَلِمةُ اسْتِسْلامٍ وتَفْويضٍ إلى اللهِ تعالى ، واعْتِرافٍ بالإذْعانِ له ، وأنَّه لا صانِعَ غيرُهُ ولا رادَّ لأمْرِهِ ، وأنَّ العبدَ لا يَملِكُ شيئًا من الأمْرِ.
إقرأ أيضا: كلام لكل عزيز وغالي
وفي الحديثِ : الحثُّ على الإكْثارِ مِن ذِكرِ اللهِ تعالى.
وفيه: تَعليمُ النَّبيِّ صل اللهُ علَيه وسلَّم لأُمَّتِهِ ما يَنفَعُها في الميعادِ( ).
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 1580 | خلاصة حكم المحدث : صحيح