لست بكل هذا التعقيد الذي يبدو لك الآن صدقني يوما ما كنت أخف من الفراشة وأبسط من النسخة الغريبة التي تراني بها.
لا أخفيك أنني يوما كنتُ أسعد لمجرد تغيير ملاءة الفراش أو تجديد خلفية هاتف!
فنجان واحد من القهوة كان قادرا على مصالحتي مع العالم.
تخيل أن مجرد زجاجة واحدة لطلاء الأظافر كانت قادرة على إسعادي.
أذكرُ أنني ربما وضعته قبيل صلاة العشاء رغبة في وجوده أطول وقت ممكن ولأنني لن أحتاج إزالته إلا بعد الفجر.
ذات مرة عندما نجحت كعكة الشوكولاتة التي صنعتها منذ مدة التقطت لها بهاتفي أكثر من عشرين صورة ،
وأرسلتُ منها لثلاثة أشخاص كلهم يسكن خارج المحافظة.
قديما لم يكن يرهبني شيء كرهبتي من التجمعات العائلية ،
بالأمس هاتفتُ كل جهات اتصال هاتفي -سبعة عشر اسم- رغبةً في حضور أيٍ منهم وقضاء بعض الأيام معنا.
تخيل أنني لطالما حبست سيلا من الكلمات في صدري حتى لا تخدش كلمة واحدة جوف أحدهم.
الآن بكل بساطة يمكنني أن أعبر عن شعوري تجاه أي شخص مهما كانت كلماتي مؤذية ، المهم أنها صادقة.
حتى كعكة الشيكولا صُنِعت منذ أيام فلم تقربها سكين أو يتذوقها لسان واحد.
اليوم بدلت ملاءة الفراش لأربع مرات لكن روحي لم تهدأ ،
حتى فنجان القهوة لم يعد مذاقه كسابق عهدي به ربما ارتشفت منه رشفة واحدة وربما لم تمسسه يدي قط.
صباحًا أرسلت لي صديقة قديمة مع أحد أطفالها زجاجة لطلاء الأظافر ، للتو تذكرتُ أنني حتى لم أهتم بتفقدِ لونها.
رواية واحدة لكاتب أحبه وأأنسُ به كانت كفيلة لإحساسي بامتلاك كَنز ، أتساءل الآن ما بال رواياتي الجديدة لم تقربها يد؟!
إقرأ أيضا: قصة المحتال والحمار!
صدقني لست بكل هذا التعقيد الذي يبدو لك الآن ، لكنني في حاجة ماسة لأن يعيدني أحد للشخص الذي كنته!
بائس من فقدَ قدرته على حبِ أشيائه المفضلة ، تشعر وكأنه أطلق رصاص الغدر على أعز الأشياء لقلبه ،
مؤسف أن تموت النسخة الطفولية المرحة بأعماقنا لتحل مكانها نسخة كئيبة لم نرغب أن نكونها يومًا.