لغز المغارة المظلمة
يحكي أن في زمن بعيد كان هناك ولاية صغيرة تقع خلف جبال الهمالايا الشهيرة ،
وكان يحكم هذه الولاية حاكم ذو خبرة واسعة ووقار وعظمة ، ولكنه كان كبير في السن وقد بلغ منه المرض مبلغه ،
حتى أحس بقرب نهايته.
وكان لهذا الحاكم ولد وحيد ، شاب في العشرينات يعيش أيامه في سهو ولعب وطيش ،
ولكن عندما أحس الحاكم أنه يقضي آخر أيامه ، أمر حراسه باستدعاء ابنه للحضور ، وقال له :
يا بني أنا أشعر أني أعيش آخر أيامي ، وأريد أن أوصيك وصية تحافظ عليها وتعمل بها مدي حياتك ،
وهي أنه إن ضاقت بك الحال يوماً وكرهت العيش وأصابك اليأس ،
اذهب إلى المغارة المظلمة التي تقع خلف القصر وسوف تجد فيها حبلاً مربوطاً إلى السقف ،
اشنق فيه نفسك حتى ترتاح من عذاب هذه الدنيا.
استمع الإبن إلى كلام والده في دهشة وتعجب ، وبمجرد أن انتهى الحاكم من وصيته أغمض عينيه ومات.
مرت الأيام وورث ولي العهد الحكم والقصور والأموال من أبيه الحاكم ،
ولكن سرعان ما نفذت كل أمواله وثروته التي لم يحافظ عليها ،
بل أخذ يبعثرها ويسرف ويبدد كل أمواله على ملذات العيش وعلى رفقاء السوء الذي طالما حذره منهم والده ولكنه لم يستمع يوماً.
نفذت الثروة بالكامل وتغير الحال وعندها لم يجد أي من رفقاءه بجانبه ،
الجميع تخلى عنه فقد كانوا يصاحبونه فقط لأجل المال والاستمتاع وابتعدوا عنه في عز حاجته ،
لجأ الشاب المسكين إلى أحد أقاربه ولكن الجميع قابله بسخرية قائلين :
لن نقرضك شيء ، أنفق من ثروة والدك الكبيرة.
تملك اليأس والإحباط من الشاب ولم يجد له ملاذ ، ولم يعد العيش يطيب له فقد ذاق الذل والهوان بعد العز والترف ،
فعجز عن التأقلم مع وضعه الجديد ، وعندها تذكر وصية والده الذي أوصاه بها قبل وفاته ، فقال في نفسه :
آه يا أبتاه ، كنت تعلم أنه سيصيبني الإحباط يوماً ما وسأتمنى الموت.
إقرأ أيضا: النبع المسحور
فانطلق على الفور إلى المغارة ليشنق نفسه كما وصاه والده ، وعندما دخل المغارة وجدها مظلمة ومخيفة جداً ،
ووجد الحبل متدلياً من الأعلى ، فما كان منه إلا أن سالت من عينيه دمعة أخيرة ثم لف الحبل على رقبته ودفع بنفسه في الهواء ،
أملاً في نهايته البائسة ، وبمجرد أن تدلى من الحبل انهالت عليه أوراق النقود من سقف المغارة وسمع رنين الذهب يتساقط من الأعلى بجانبه ،
وقد سقط هو الآخر على الأرض ووجد بجانبه ورقة كتبها له أبوه يقول فيها :
يا بني قد علمت الآن كم هي الدنيا مليئة بالأمل ، عندما تنفض الغبار عن عينيك وتدع رفقاء السوء ،
هذا النصف الآخر من ثروتي قد خبأتها لك فعد إلى رشدك واترك الإسراف والترف ورفقاء السوء وتعلم من درسك هذه المرة.
لا تتجاهل نصائح والديك أبداً لأنه مهما عصفت واشتدت بك الدنيا ستجدهما أول الداعمين لك.
احرص على اختيار الصديق الصالح الذي يأخذ بيدك الى الجنة وتجده وقت الضيق بجانبك.