لكنه يخونني لقد رأيته بين أحضان أنثى غيري ، يهديها من الكلمات ما كنت أنتقيه لأستعمر قلبه ،
ويلبسها مما استنزفت قوتي لليال طوال كي أجلب ثمنه.
قالتها بحسرة ودموع تخدش ملامحها الواهنة إثر السهر على حياكة الملابس لجلب قوت طفلها وزوجها ،
فأجابتها والدتها ببرود كأن من أمامها ليست فلذة كبدها : لكنه يعود في الليل إليك ، وينام في سريركِ أنتِ ،
أنت من يتباهى بها أمام العلن ، أنت والدة طفلته الوحيدة وشريكة حياته ، عمود منزله المتين وحاملة اسمه.
ابتسمت بسخرية تخفي خلفها ألف صرخة ، ونيران لو فكت عقالها ستحرق الجميع سواها :
وما حاجتي بأحضانه إن تعبّقت بشذاها ، وما نفع التباهي بي كزوجة إن كان في قلبه ألف أنثى ،
هل سيشفي اسمه الموصول بخاصتي جروحي الغائرة ، هل سيخرس أنين الأنثى بداخلي.
لا والله بل لا يزيد روحي سوى تهشّمًا كلما نظرت لعينيه تنغرز أكثر فأكثر فأتألم بابتسامة بلهاء تزيد ذكورته غرورا وطمعا في المزيد ،
أي عرفٍ هذا الذي يجبرني على السكوت على نحري كل لحظة.
هل تريدين أن تصبحي مطلقة ، ويلعنك المجتمع أينما حللت لأنك لم تصلحي كزوجة فاستبدلك بأخرى ،
ستخشى صديقتك استقبالك في بيتها وشقيقتك تراقب أصغر تصرفاتك خوفا على زوجها.
سينظر لكِ الخضري وبائع الملابس كأنثى سهلة المنال فقد أصبحت غير صالحة للإستعمال في نظرهم سوى لأغراضهم الدنيئة ،
لن يطرق بابك أحد ليطلب يد إبنتك للزواج ، فالمطلقة لا تحسن تربية الفتيات في نظرهم.
إقرأ أيضا: كَما تُدين تُدان
حينها صمتت وغضت الطرف عن خيانته لها ، وتركت شظايا كرامتها المهدورة تنتشر في الأرجاء دون اهتمام.
في الليل جالست إبنتها وراحت توصيها بالإختيار الصحيح : لا تجعلي أقصى أمنياتكِ رجلا ،
بل حققي ما تصبو له نفسك ستجدين سيد الرجال يهفوا لوصالك ، كوني أنثى قوية لا تهزها أقوى الرياح ،
كي لا تكوني مطمع لأشباه الرجال ، لا تأبهي بلقب غبي يطلقونه عليك إن تأخرت في الإختيار ،
مجتمعنا هو العانس لأن قطار الرضا بالقضاء والقدر قد فاته.