لماذا أربي أولادي على التوحيد؟
لماذا أربي أولادي على التوحيد؟
أربي إبني على التوحيد لعدة أسباب :
لأعلمه الحكمة من خلقه ، فيعلم هدفه في هذه الحياة فتنضبط وجهته ، فهو لم يخلق عبثا أو سدى ،
لم يخلق ليأكل ويشرب ، ويلهو ويلعب ويضحك ، إنما خلق ليعبد الله عز وجل ، ويوحده ، ويعظمه ، ويكبره ويطيعه.
لأعلمه كيف يكون عبدا لله ، يعظم الله حق التعظيم ، ويحسن الأدب مع الله ،
وليزداد يقينه وثقته بالله ويزداد إيمانه ويَعْمُر قلبه بالخوف والرجاء والمراقبة والتوكل والإخلاص ،
وغيرها من العبادات القلبية التي تجلب رضا الله وحبه ، فلا يرجو سواه ، ولا يخشى إلا إياه ،
فيطمئن على رزقه ولا يقلق ، ويراقب سره وعلانيته فتملأ الخشية قلبه ، فيكون من المتقين المخلصين ،
فيسهل عليه ترك المعاصي ويسهل عليه فعل الطاعات ، ويتحرر من عبودية المخلوقين ويترك شكايتَهم ولومَهم ،
ويترك التعلق بهم ، ويترك خوفهم ورجائهم ، والعمل لأجلهم ، فلا يحبط عمله ، ويتضاعف أجره ، وهذا هو العز الحقيقي.
لأعلمه كيف يكون عبدا لله رضي بالله ربا وبمحمد صل الله عليه وسلم نبيا ورسولا وبالإسلام دينا ،
ليعيش في رضا وسعادة وطمأنينة وانشراح الصدر ، فلا تزلزله الفتن ولا تؤثر فيه الشبهات ،
فمهما أصابه من أكدار الدنيا فهو يعلم حقيقتها وأنها دار إبتلاء وإختبار وليست دار جزاء ،
فيهدأ ويرضى ولا يتسخط ، ويسلم بقدر الله ويتلقى المكاره وقلبه يحيى حياة طيبة لا تضرها ما يلاقيه البدن ،
فتهون عليه الإبتلاءات ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ذاق طعم الإيمان من رضي الله ربا وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولاً.
ليتعلم كيف يلجأ إلى الله أولا عند الشدائد فجميع العباد لا يملكون لنا نفعا ولا ضرا :
(وإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ليكون عبدا لله ليكون معياره وميزانه الذي يزن به الأمور كلها هو ميزان الشرع ،
فيكون همه الأول في الحياة هو رضا الله ، فيعمل إبتغاء وجه الله وأجره على الله.
إقرأ أيضا: إحذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
وليكون ميزانه شرع الله ، فيُحَكِمه في كل أمور حياته ، فيسهل على تربيته وتوجيهه.
ليكون عبدا لله فيطيع الله في كل معاملاته مع والديه وإخوته وأهله وجيرانه وأصحابِه وحتى مع أعدائه ،
وحتى مع المخلوقات من غير البشر كالحيوانات والطيور ، إلخ.
حتى ينسجم مع الكون كله فالكون مسخر له بأمر الله ، فيسعى في الأرض ويعمرها وفقا لمراد الله ،
ولا يظن أنه في حالة صراع من أجل البقاء للأقوى مع الكون فيفسد فيه.
حتى لا يهاب الموت ، فهو يعلم أن الله الرحيم الكريم أعد للمؤمنين الذين جاهدوا فيه في الدنيا ما يرضيهم في الآخرة ،
فيشتاق للقاء الله.
حتى يأمن في الدنيا وينجو في الآخرة فالتوحيد سبب لتفريج الكربات ، وللحياة الطيبة وللمغفرة كما قال الله تعالى :
(فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ۞ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
وأعلمه أن الحياة الطيبة هي حياة القلب ، لأنه مع الحروب والدمار وكل المشكلات التي تحيط بنا ،
سيقول لنا كيف هي الحياة الطيبة مع كل هذه الآلام.
قال النبي صل الله عليه وسلم فيما يروي عن رب العزة تباركَ وتعالى :
(يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي ،
يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي ،
يَا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرة). صحيح الترمذي
أتى النبي صل الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله ما الموجبتان؟
فقال صل الله عليه وسلم : (مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار). أخرجه مسلم