لماذا أرسل سليمان الهدهد لملكة سبأ ولم يرسل الجن؟
مع أنه أسرع منه. أو الحمام الزاجل أكثر منه خبرة بالملاحة الجوية؟
لم يستخدم الجن لأنه كان معروفا لديه كذبهم ، وذكر القرآن ذلك عندما مات ،
ولبثت الجن تعمل إلى أن أكلت الأرضة منسأته فأثبت للإنس كذبهم وعدم علمهم الغيب.
لإجابة هذا السؤال وكل الأسئلة التي قد تعرض أمامك الآن ، يجب عليك أن تحلل القصة كما ذكرها القرآن حرفا حرفا.
في البداية لم يجد سليمان الهدهد ضمن الجيش فتوعد بقتله ،
بعد قليل أتى الهدهد موضحا سبب غيابه بأنه رأى قوما تملكهم إمرأة يعبدون الشمس.
ثم أخذ يتعجب كيف لهؤلاء ألا يعبدوا الله؟! ولم يشفع له ذلك أمام سليمان فقال له : سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِين.
وأمره أن يذهب إليهم ويلقي إلى بلقيس برسالة وينتظر ماذا سيفعلون ،
ثم يأتي إلى سليمان ويخبره ، ( ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)
ذهب الهدهد وألقى بالرسالة إلى بلقيس ، وذهب في أدب يقف جانبا.
ومشهد الهدهد هنا يكفي وحده لتعلم هذه الملكة مدى قوة مُلك سليمان ،
إذ لم يكن معهودا أن يُستخدم الهدهد في المرسال.
قرأت الرسالة : إنه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو علي وأتوني مسلمين.
فجمعت قومها فورا واستشارتهم ، قالوا لها : نحاربه ، فاعترضت فورا لأنها استنبطت من مشهد الهدهد مدى قوة هذا السلطان ،
واقترحت أن ترسل إليه بهدية ثمينة ، فإن كان من أصحاب الدنيا قبل الهدية وسلمنا من شره ،
وإن كان نبيا من الله لم يقبل منا غير التوحيد لله ورفض الهدية ، وبالفعل أرسلت رسلها بالهدية.
إقرأ أيضا: ما حكم قراءة القرآن في الطواف عند الأئمة الأربعة وغيرهم؟
هنا طار الهدهد عائدا لسليمان وأخبره بما حدث ، وأن الرسل في الطريق معهم الهدية.
الرحلة من اليمن لفلسطين تستغرق 3 أشهر ، مكثها سليمان ينتظر الرسل ،
فلما أتوا بالهدية تبين فورا صدق الهدهد ، ورفضها سليمان وتوعدهم بالحرب.
فرجعوا إلى الملكة ، التي قررت أن تذهب بنفسها لسليمان لترى أمره.
اختيار الهدهد هنا وليس الحمام الزاجل ، لم يكن فقط لأنه المعني بالأمر ،
بل لأنه غير معهود أن ينقل رسائل ، وفعله ذلك يثبت قوة ملك سليمان ، وأضيف لكم لطيفة ،
أن اختيار الهدهد لهذه المهمة بالكامل كان بترتيب الله ،
لأن الهدهد يتحمل الجوع والعطش أكثر من أي طير آخر ويعرف أماكن الماء في الصحراء فيرتوي منها.
كما أنه يطير وحده بخلاف باقي الطيور التي تطير في أسراب ، فلا يلفت النظر ، وهذا مناسب لحمل رسالة دعوية عظيمة بين ملكين.