لماذا تاه بنو إسرائيل في صحراء سيناء 40 عاما؟
لماذا تاه بنو إسرائيل في صحراء سيناء 40 عاما؟ وكيف خرجوا منها ؟ وما هي الأحداث العجيبة التي حدثت أثناء التيه؟
إن هذا التيه هو إحدى عقوبات الله عز وجل على مخالفة أمره وأمر أنبيائه ؛
فإن بني إسرائيل مع إيمانهم بالله عز وجل في ذلك الوقت ، وكانوا شعب الله المختار ،
وكان فيهم نبي من أولي العزم ، إلا أنهم لما تخلفوا عن الجهاد عاقبهم الله بالتيه أربعين سنة.
بعد خروج موسى ببني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون ومع ما تعرض له من إساءة بني إسرائيل المتكررة له ،
واصل بهم سيره إلى أرض الشام وقبل أن يصل بهم موسى إلى الأرض المقدسة التي كان يسكنها الكنعانيون الجبابرة ،
أمرهم أن يعدوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله واختار موسى منهم إثني عشر نقيبا.
وأمرهم أن يتقدموه في دخول الأرض المقدسة ليعرفوا أحوالها وأحوال سكانها ،
ونفذ النقباء ما كلفهم به موسى ثم عادوا بعد تعرفهم على أحوالها وأحوال سكانها ليقولوا له :
إن الأرض المقدسة تدر لبنا وعسلا إلا أن سكانها من الجبارين.
وأخذ كل نقيب يخذل ويثبط جماعته عن دخولها إلا رجلان منهم فإنهما أمرا بني إسرائيل بأن يطيعوا نبيهم ،
وأن يصمموا على دخول الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم وبشرهم بالنصر إذا إعتمدوا على الله ، وأخلصوا النية للجهاد.
ولكن بنو إسرائيل عصوا نصيحة الرجلين الناصحين لهم كما عصوا نبيهم موسى ،
فكانت نتيجة جبنهم وعصيانهم أن إبتلاهم الله بالتيه أربعين سنة.
.سماهم موسى بالفاسقين ودعا عليهم فصدق الله على كلامه وأسماهم بالفاسقين كذلك.
وعلى الرغم من عقاب الله لهم بالتيه فمن بركة موسى وهارون عليهم أنهم لما ضجوا من الحر ،
جعل الله لهم الغمام يظلُّهم من الشمس وجعل لهم عموداً من نور يطلع بالليل فيضيء لهم الظلمات.
إقرأ أيضا: من هو الصحابي الذي كان يأتي في هيئته سيدنا جبريل للرسول
وأورد الكثيرون من أهل العلم أنهم كانوا لا تطول شعورهم ولا تشعث ولا تبلى ثيابهم ،
ولا تنجس وتطول مع صغارهم وتكبر إذا كبروا.
ولما إشتكوا من العطش أمر الله موسى أن يضرب الحجر بعصاه فانفجرت منه إثنتا عشرة عينا بلا إختلاط ،
ولكن بنظام فكان ماؤهم من حجر يحملونه منه يشربون ويسقون فإذا إكتفوا جف الماء ووقف.
وكان طعامهم المن ، وهو يشبه العسل ينزل لهم من السماء) والسلوى (السمان فإذا طلبوه وجدوه جاهزا للأكل
وأمروا ألا يخزنوا من هذا الطعام لعلم الله بحرصهم ،
ولكنهم كانوا أهل بطر فملُّوا العسل والطير واشتاقوا للفلاحة التي تعودوا عليها وعلى نتاجها فطلبوا العدس والبصل.
روى في تنوير الأذهان أن موسى ندم على دعائه عليهم فقيل لا تندم فإنهم أحقاء بذلك لفسقهم.
فلبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ وهم ستمائة ألف يسيرون كل يوم جادين ،
فإذا أمسوا كانوا حيث بدأوا وموسى وهارون كانا معهم في التيه ،
ولكن كان ذلك لهما روحا وسلامة وزيادة في درجتهما.
مات هارون قرابة نهاية مدة التيه ومات بعده موسى بسنة واستخلف الله عليهم النبي يوشع وهو من دخلوا الأرض المقدسة تحت قيادته.
وقد بلغ من سوء طباعهم أن موسى وهارون لما خرجوا معا وقد أذن الله أن يقبض هارون فدفنه موسى ،
وعاد وحده قالوا له إنك قتلته لحبنا له ولم يكفوا حتى أشهدهم الله آية فصدقوا موسى.
صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون [وبقي موسى] فقالت بنو إسرائيل لموسى :
أنت قتلته فآذوه فأمر الله الملائكة فحملوه حتى مرّوا به على بني إسرائيل وتكلّمت الملائكة بموته ،
حتى عرف بنو إسرائيل أنه قد مات فبرّأه الله تعالى مما قالوا ،
ثم إن الملائكة حملوه ودفنوه فلم يطلع على موضع قبره أحد
المصدر
كتاب تاريخ الطبري ، المجلد الأول ، فصل ذكر نسب موسى بن عمران وأخباره.