لماذا تغير طعم التفاح
لماذا تغير طعم التفاح
لمن يعرف سوريا قبل ٤٠ سنه وأكثر
كانت أسماؤنا أحلى ورائحة البامية تتسرب من نوافذ البيوت.
كانت حبات المطر أكثر إكتنازاً بالماء
وساعة الجوفيال في يد الأب العجوز أغلى أجهزة البيت سعراً وأكثرها حداثة.
كانت غمزة سميرة توفيق تحرج الأمهات
وتعتبر أكثر مشاهد التلفزيون جرأة.
وأجرة الباص فرنك ونصف ،
والصحف تنشر فجراً أسماء الناجحين بالبكالوريا.
كان المزراب يخزّن ماء الشتاء في البراميل ،
والجارة تمدّ يدها فجراً بكوب شاي ساخن لصاحب النظافة (الزبّال) فيمسح عرقه ويستظلّ بالجدار!
لم نكن نعرف بعد أن هناك فاكهة تتطابق بالإسم مع منظف الأحذية ، الكيوي.
وأننا يوماً ما سنخلع جهاز الهاتف من شروشه ونحمله في جيوبنا!
وبوط الرياضة الصيني في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين!
والتلفزيون يفتح السادسة بعد الظهر
ويغلق شاشته في موعد محدد مثل أي محل أو مطعم!
حين كانت أقلام البيك الأحمر هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب قبل إختراع الموبايلات.
وعندما كانت المكتبات تبيع أوتوغرافات ودفاتر خاصة للرسائل أوراقها مزينة بالورد.
كانت جوازات السفر تكتب بخط اليد ، والسفر إلى جميع البلدان بالقطار ،
وقمصان (النص كم) للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيبا وتخدش الحياء!
والأغنام والماعز تدق بأجراسها أن بائع الحليب صار في الحي.
كان مسلسل (حمام الهنا) يجمع الناس مساء ،
ومباريات (محمد علي كلاي) تجمعهم في سهرات الثلاثاء.
وكانت الناس تهنئ أو تعزّي بكيس سكّر أبو خط أحمر ، وزن مئة كيلو.
كان الإنترنت رجماً بالغيب لم يتوقعه أحذق العرافين.
ولو حدّثتَ أحدا يومها عن العدسات اللاصقة لاعتبرك مرتدّاً أو زنديقاً تستحق الرجم.
حين كان مذاق الأيام أشهى ، ومذاق الشمس في أفواهنا أطيب ،
والبرد يجعل أكفّ التلاميذ حمراء ترتجف فيفركونها ببعضها.
إقرأ أيضا: ما الفرق بين الذنب والسيئة؟
كانت لهجات الناس أحلى ، وقلوبهم أكبر ، وطموحاتهم بسيطة ومسكينة وساذجة!
الموظفون ينامون قبل العاشرة ،
والزوجة في يوم الجمعة تخبئ سودة الدجاجة وقوانصها لتقليها للزوج دلالة على تدليله.
حرارة الشمس كانت أكثر صرامة في التعامل مع الصائمين ، والثلج لم يكن يخلف موعده السنوي.
كانت الحياة أكثر فقرا وبرداً وجوعاً ، لكنها كانت دائما خضراء!
وتسألني يا صاحبي:
لماذا تغيّر طعم التفاح.