لم لا تتزوج ؟
لم لا تتزوج ؟
أخاف أن أكون مثلهم
من هم؟
أولئك الذين يسكنون مع زوجاتهم ولا يسكنون إليهن ! أتعرفُ لمَ تهجرُ الزوجةُ زوجها داخل بيتٍ واحد؟
لا!
الأمر أعمق مما تتخيّل يا صاح ، المرأة كائن شفاف، شفافٌ بالقدر الذي لا تثقبه الكلمة الجارحة فقط،
بل تثقبه أيضًا غيابُ الكلمة الدافئة!
إنها تستحيلُ شجرةً في البيت تتعاقبُ عليها فصولُ الزوجِ فصلًا تِلو الفصلِ و هي تُثمر ،
تُثمر له في كل حينٍ كأن خريفًا ما كان!
الزوجات مُغتَسلٌ باردٌ وشراب ، إنهن سِنَةٌ عُمُرية تأخذنا من كل هذا الصحو البذيء.
فلماذا نُصرُّ على أن نستيقظ منه بكامل فحولتنا الزائفةِ هكذا في كل مرة؟!
لابد أن فينا ما هو خاطئ روحيًا لينفُرن منّا بكل هذا العنفوان!
كيف لا ونحن الذين نطلبهن للفراش ونستطعمهن ونستسقيهن ، وفي كل مرةٍ يدفعنا فيها اليأسُ بيديه بقوةٍ حتى تختلفَ أرجلُنا و نؤولَ للسقوط يسندن أكتافَنا المهشّمة،
و يلففنَ أوشحتهنّ على جراحنا ، ثم بعد هذا كلّه ينظر الواحد منّا في وجهِ زوجته كمن طُعن على حينِ غرّة.
هناك حقًا ما هو أعوجٌ في جدارنا يا صديقي.
أعرفُ رجلًا أخبرني أن زوجته تُضيء طيلة اليوم.
لم يكُن يفعلُ شيئًا سوى أنّه كان يتركُ لها قصيدةً وقبلةً على جبهتها كل صباح ،
لتنهض هي بعدها وقد تحولّت إلى منارةٍ يهتدي بها في ظلامهِ البهيم!
أرأيت؟! قصيدة و قبلة كافيتان لجبر كل هذا الكسر الغائر في الوجع،
وتجعلان زوجةً محاربةً تلتقط أنفاسها وسط كل هذا الركام من المشاعر المتناثرة.
لكنّنا أبدًا نغرسُ أنيابنا في راحاتهنّ ثم نغطّ في بَلادتنا!
لا شيء يمكنهُ أن يجعلكَ تقبض قبضةً من أثر الجمال كزوجة بفؤادٍ طاهر ،
بروحٍ تحوطك كنفحةٍ سماويةٍ ترتفعُ بك لتلمس جدار السماء وترى الناس حولك عيالًا لأنك عظيم ، عظيمٌ بين يديها!
ما ضرّ الأزواجَ لو أنهم غنّوا لزوجاتهم ، لو أنهم غرفوا لهنّ من نهرِ اللّين ما يرطّب خواطرهنّ.
ما ضرّهم لو أنهم سالوا كنبعٍ من قلوبهن لتنبُت في جوانب البيت
فسائلُ السَّكِينة ، ما الذي سيخسرونهُ إذا استيقظ الواحد منهم قبلها في ليالي الشتاء ليغطي رِجلها حتى لا تنهضَ بعد يومٍ عصيبٍ بلسعةِ برد.
أن يمشي على أطراف قلبه حتى لا يُزعج قلبها.
إنهم لو فعلوا ذلك فإن عرقَهُم حتى سيستحيل عطرًا في حضراتهن ، ويتقيؤون الهموم كما لم يكونوا مهمومين!
إذا تزوجتَ يا صديقي فكُن رجلًا بقلبِ امرأة، لا امرأةً بقلب رجل!
قل لزوجتكَ أنك كدتَ تغرقُ لكنّها انتشلتكَ ، و كنتَ على الحافةِ لكنّها شدّتك.
أخبرها في الصباحِ أنها وجهُ النهار ، وفي المساء أنها يدُ الحنين ، لا تكُن تقليديًا فـتُشبّهها بالقمر.
قل لها إن القمر يشبه الحبيباتِ جميعًا إلّاك ، فلا أحد يشبهكِ سوى الحب!
أخبرها أمام قريناتها أنها لا تساوي عندك أي شيء ، ربما ستضحكُ النساء عليكما ،
لكن زوجتك وحدها ستعلم أنها تساوي كل الأشياء عندك فتبتسمان بخُبث على الحاضرين.
أخيرًا يا صديقي إن كنتَ ستتزوجُ لأجل الزواج و لأجل أن يقول الناس إنك تزوجت،
فأنت يا سيدي ما زلت عازبًا ما لم تتزوج لأجل أن تستحيل وزوجتك كجذعٍ وفرع.
هكذا ستنبتانِ معًا كشجرةٍ أصلها ثابتٌ و فرعها في السماء!