مات أحد شيوخ العشائر وأرادت العشيرة تنصيب شيخ جديد ، لأن إبن الشيخ صغير على المشيخة.
وطرحوا أسماء خمسة من أبناء رجال العشيرة للمشيخة ، وبعد أن اختلفوا!
لبس كل منهم عباءة ، وذهبوا للقاضي ومعهم الطفل الصغير إبن الشيخ المتوفي ،
وعندما وصلوا بيت القاضي تركوا الولد الصغير مع الغنم ودخلوا على القاضي!
وبعد ما سمع القاضي كلامهم ، صب لكل واحد منهم فنجان قهوة وقال لهم :
أريد من كل واحد منكم أن يعيد الفنجان فارغًا بشرط ألا تشربوا القهوة ولا تسكبوها !
إحتار الرجال ونظر بعضهم لبعض ؛ ولما رآهم القاضي كذلك قال لهم : شيخكم الميت هل له ولد؟
قالوا له: نعم لكنه صغير بالعمر وأحضرناه معنا ، وتركناه مع الغنم.
فطلبه القاضي وأعطاه فنجان القهوة وقال له :
أريد منك أن تعيد الفنجان فارغًا بشرط ألا تشرب القهوة ولا تسكبها !
فوضع الولد طرف غطاء رأسه (الغترة) بالفنجان إلى أن امتص القهوة كاملة ،
وقال للقاضي : فنجانك فارغ وقهوتك على رأسي!
قال له القاضي :
ما المكسب ، ورأس المال ، والخسارة؟
قال الولد:
المكسب أن تكون أحسن من أبيك
ورأس المال أن تكون مثل أبيك
أما الخسارة أن تكون أردى منه.
قال له القاضي :
ما أول أمس ، وأمس ، واليوم ؟
قال الولد:
أول أمس هو جدي وأمس هو أبي واليوم هو أنا.
قال القاضي :
أعزك الله ، قوموا يا رجال وخذوا شيخكم واذهبوا.
إكتساب الخبرة أهم من المال ولبس العباءات ؛ فالولد الصغير تربى في بيت شيخ القبيلة وتعلم منه أشياء ،
لم يكن يدري عنها أي من الرجال أصحاب العباءات شيئًا.
إقرأ أيضا: كصفحة بيضاء
ولنا في قصة يوسف -عليه السلام- عبرة ؛ لأنه تربى في بيت العزيز واكتسب خبرات كثيرة ،
لذلك قال للملك وبكل ثقة : إجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم.
ليس كل من ملك المال ؛ ولبس عباءة صار شيخًا.
يقول الحكيم : جالس العلماء بعقلك ؛ وجالس الأمراء بعلقلك
وجالس الأصدقاء بأدبك ، وجالس أهل بيتك بعطفك.