ما جاء من خد رمانة ضاع في قدم مرجانة
رمانة الفاتنة سليلة الأصل ذات الحسب والنسب ، الإبنة المدللة لشيخ القبيلة الشيخ راغب.
كانت تنام كالملاك داخل الخيمة ففتنت بجمالها عقرب فاقترب منها ولدغها في خدها الرماني ،
وسرق وردة حمراء من وجنتها الناعمة ،
صرخت فانتفض الأب ليرى ما حدث ، ثم أمر : أحضروا الحكيم بسرعة ليعالج رمانة.
حضر الحكيم مسرعة وما أن رأى جمال رمانة وفتنتها وسحرها فوسوس له الشيطان ، وقال لوالدها الشيخ راغب :
حالتها خطيرة يا شيخ راغب وأنا لا أعالج إلا بطريقة مص مكان اللدغة ، لإخراج السم حتى لا تموت.
تعجب الشيخ راغب من كلام الحكيم وقال له : أليس معك ترياق أو مصل يعالج السم.
هز الحكيم رأسه نافيا ، حاول الشيخ أن يقنعه بطريقة أخرى للعلاج غير طريقة المص والشفط “،
لكن الحكيم أنكر وقال أنا لا أعرف إلا هذه الطريقة.
أمام حالة البنت ؛ استجاب والدها رغما عنه حيث أجبره حبه لابنته على الموافقة خوفا من أن تسوء حالتها أكثر.
رقصت السعادة في عيون الحكيم وهو يقترب من خد رمانة الأملس الرقيق وأخذ يمصه ويقبله كثيرا كثيرا بحجة إستخراج السم ، وتم شفاء رمانة.
مرت الأيام وعاود العقرب فعلته لكنه هذه المرة لدغ جارية الشيخ راغب شيخ القبيلة ،
تسمى مرجانة عجوز قبيحة الشكل سوداء وسمينة جدا ، هرب العقرب من منظرها لكنه لدغها في قدمها.
فأمر الشيخ راغب بإحضار الحكيم الذي عالج رمانة، فجاء الحكيم مسرعا يتصبب عرقا فقد كان الجو حارا ،
فبادره الشيخ راغب قائلا : أيها الحكيم أليس لديك علاج غير المص والشفط؟
فقال الحكيم بخبث لاعتقاده أن المريضة هي رمانة : عذرا يا شيخ راغب فهذا هو العلاج الوحيد الذي أعرفه.
فأشار الشيخ راغب بيده : إذن ؛ أحضروا مرجانة في الحال.
جاءت مرجانة تجر جسدها السمين ووجها قاتم السواد ورائحتها ينفر منها القرد ، تسندها بعض الجواري.
إقرأ أيضا: قصة الزير
تفاجئ الحكيم ولم ينطق بحرف أمام ذهوله مما رأى. ،
فنظر له الشيخ راغب وقال : لقد لدغها العقرب في قدمها ، هيا أيها الحكيم ، عالج مرجانة بطريقة المص كما عالجت إبنتي رمانة.
تعلثمت الكلمات في فم الحكيم لكنه أخيرا نطق وقال بصعوبة :
لقد ، لقد تذكرت طريقة أخرى للعلاج.
فانتفض الشيخ راغب واقفا وقال بحزم : لن نقبل إلا بنفس طريقة علاجك بالمص التي أشفت إبنتى رمانة.
هيا باشر مص قدم مرجانة كي تشفى وإلا قطعت عنقك لتمصها العقارب.
أقبل الحكيم مرغما وأمسك بقدم مرجانة السوداء المشققة ذات الرائحة الكريهة ، وهو يتمتم ويقول لنفسه :
” ما جاء من خد رمانة ضاع في قدم مرجانة “
فصارت الجملة مضرب المثل
العبرة من القصة :
زمن رمانة لن يدوم وحتما سيأتي زمن مرجانة
فتخير الصديق الذي يقف معك في الصراء والضراء.
الصديق الذي إن احتجت إليه يقف بجوارك.
ليست كل الأيام مثل رمانة أو مثل مرجانة
فهناك الأيام السعيدة ومنها الحزينة
تفائل دائما وثق بالله ،
فالحزن لا يدوم ، إبتسم لعل أيامك القادمة تكون في رقة رمانة.