محطات تربوية
محطات تربوية
تكثر الشكوى الأن من الأولاد ، وأنهم جيل ما يعلم به إلا الله ، وأن الأطفال صعبين ، ويكثر بكاؤهم وأمراضهم وتمردهم.
وأصبحت تربية طفل واحد عذاب فعلا.
لكن أهمس في أذنك أننا نتحمل جزءا من المسؤولية عن ذلك.
لم نستقم مع الله فاعوجّ كل شيء لنا ، فتيسير تربية الأولاد وفلاحهم من الله.
قال تعالى : ( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا )
حين نذرتها أمها لله ، مع أنه لا أب يربيها ، جعل الله لها زكريا يكفلها.
وولد سيدنا عيسى عليه السلام ولا أب يربيه ، ومع ذلك كان سيدنا عيسى عليه السلام كامل الأخلاق والدين.
وسيدنا يوسف عليه السلام تربى في قصر العزيز حيث الفساد لدرجة أن تقول إمرأة العزيز فيه :
( وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ ) (32)يوسف.
وليس معه من يرشده ويأخذ بيده ، ومن هذه البيئة خرج يوسف الصديق.
وسيدنا موسى عليه السلام تربى في قصر فرعون حيث أسوأ مكان ممكن أن ينشأ فيه طفل ،
ومع ذلك كان موسى كليم الله ( ولتصنع على عيني )
ورسول الله صل الله عليه وسلم ولد يتيما ، ثم ماتت أمه وهو في السادسة من عمره ، ثم انتقل إلى كفالة جده ،
ثم تيتم مرة أخرى فانتقل إلى كفالة عمه ؛
يعني من بيت لبيت ، لا استقرار ولا حضن دافئ ومع ذلك نشأ على هذا الكمال.
(إنما الأدب أدب الله)
كما قال الإمام مالك : من هذا نعلم أن الأمر ليس فقط أسباب تؤدي إلى نتائج ،
إنما الأولاد في الأول والآخر زرعة ونبتة ، والله هو القادر على إنباتها نباتا حسنا.
إقرأ أيضا: صلاح الأمة بصلاح منابت أطفالها
قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)
أيضاً رأينا في سورة الكهف كيف حفظ الله لليتيمين كنزهما لصلاح أبيهما وهو الجد السابع.
وقال سعيد بن المسيب لابنه : “لأزيدن في صلاتي من أجلك ، رجاء أن أحفظ فيك”
وقال عمر بن عبد العزيز : “ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عَقِبه وعقب عقبه”.
يعني الأمر كله مداره على صلاح حالك مع الله.
لو بذلنا نصف المجهود (الذي نبذله في تربية الأولاد) في طاعة الله ، ليسر الله علينا تربيتهم ولأقر أعيننا بهم.
تتبعوا وأكثروا من الطاعات ولا تقتصروا على الفروض فقط.
أكثروا من الصلاة والصيام ، وتعلموا تلاوة القرآن الكريم ، وإتقان لبس الحجاب ، ومجالس العلم.
وهل أدلكم على أكبر سبب لفلاح الأولاد؟!
بر الوالدين ، وصلة الرحم من ناحيتك ومن ناحية زوجك تأثيرهم رهيب في فلاح الأولاد ، وتيسير تربيتهم.
من أراد أن يُنسَأ له في أجله ويبارك له في رزقه فليصل رحمه.
أيضاً أكثروا من الدعاء لهم بالهداية.
تربية الأولاد ليست أن تتفرغوا لهم وتؤجلوا كل حاجة ﻷجلهم ،
بل هي حين يجتمع في نفس الوقت طاعة مطلوبة منكم وشيء تصنعونه لأولادكم ؛
فلا تؤجلوا أو تتركوا طاعة ربكم لأجلهم ؛
فهنا موطن الخطر.
شيء مؤلم منظر الأم واقفة أمام لجنة الإمتحان منتظرة بالساعة والساعتين حتى يخرج ابنها من الإمتحان.
أليس وراءها شيء تفعله؟
والله لو قضت هذا الوقت في قراءة القرآن الكريم أو بر أمها أو صلة رحمها أو مساعدة محتاج ،
أو زيارة مريض لكان أكثر فائدة لابنها من انتظارها هذا.
عزيزتي الأم : أصلحي حالك مع الله ، يصلح الله لك حال أولادك.
ثم استعيني بالله وخذي بالأسباب.
وأخيرا ، أكثري من الدعاء بالهداية لك ولهم ؛
فربما صادفت مرة باب السماء مفتوحاً فيستجاب لكما.
سئلت امرأة عن سبب صلاح كل أبنائها ونجاحهم وبرهم الشديد لها فقالت : “كنت أدعو بهذا الدعاء عند سجودي دائماً ؛ وهو :
(اللهم ارزقني وإياهم العلم النافع ، والرزق الواسع ، والعمل الصالح ، وارزقني برهم)
جمعت بين التربية والدعاء.
التربية وحدها بدون دعاء لا تكفي.