قصص منوعة

معا لنلتزم

معا لنلتزم

تعاني زوجتي من أذية والدتي لها كلاميا بالكلام الجارح والتصرفات الغير لائقة بغير وجه حق ،

وبالظلم وبظن السوء إلى أن تعدى هذا الأذى إلى أهل زوجتي.

فصارت والدتي توجه لزوجتي اتهامات غير لائقة وغير حقيقية لأهل زوجتي.

فقامت زوجتي بقطع علاقتها بوالدتي مع العلم أن زوجتي كانت صابرة على أذية والدتي لها عدة سنيين ،

إلى أن فاض الكيل بتطاول والدتي على أهل زوجتي.

مع العلم أنني أصل والدتي بالزيارة والتليفون وأقوم ببرها بعد ذلك لم تتوقع والدتي بقطع هذه العلاقة ،

فقامت بإلقاء اللوم علي بأنني سمحت لزوجتي بقطع هذه العلاقة وأدخلت رضاها برجوع زوجتي لها ،

وأنها لن ترضى عني إلى يوم الدين إذا لم أجعل زوجتي تعود بالزيارة ،

مع أنني لا أحب أن أضغط على زوجتي تاركا لها الخيار وصارت أمي تدعو علي بدون ذنب اقترفته.

وسؤالي هو : هل هناك حرمانية في قطع زوجتي لأمي أو ما الحكم في ذلك؟

السؤال الثاني : هل لوالدتي الحق في إدخال رضاها عني برجوع زوجتي لها بالزيارة مع العلم أني لازلت أدعو لها في الصلاة؟

السؤال الثالث : في حال أصرت زوجتي على رأيها في القطيعة هل يترتب علي ذنب من غضب أمي علي؟

لاشك أن أمثال هذه المشاكل العائلية ، وتلك التنغيصات الأسرية ، مما يكدر العيش ، ويشغل البال ،

ولكن بنوع من الحكمة ، مع حسن التصرف ، وبمزيد من التعقل ، والصبر الجميل في سبيل إرضاء من لها أعظم الحق عليك ، وهي الأم.

وإرضاء سكنك وموضع مودتك وسرك وأم ولدك وهي الزوجة ، يمكننا احتواء المشكلة ،

والتعامل معها بأحسن الذي يمكننا أن نتعامل به مع مشاكلنا.

يلزمنا ، أصلحنا الله وإياكم ، تعريف كل طرف بحق الآخر ، فتعرف الأم الكريمة أن لزوجة إبنها حقا فرضه الله ،

وأوصى به رسول الله ، وتعرف الزوجة الفاضلة أن للأم حقا فرضه الله ، وأكد عليه رسول الله.

إقرأ أيضا: كيف تموت الأنثى حية؟

ثم لتعرف كل منهما أن الله إذ أوجب الحقوق لأصحابها ، منع من الظلم والعدوان ،

1 3 4 10 1 3 4 10

ومن تعدي حدود الله التي حدها لعباده ، والواجب الوقوف عند حدود الحق ، فلا يتعدى ذو حق حده ، ليعتدي على حق غيره.

التماس البيان والتوضيح بميزان القسط الذي بينه الشرع ،

من كون العبد لا يكمل إيمانه الصحيح حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وحتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه.

فأنتي يا أمي ، هل ترضين لأحد كائنا من يكون أن يوجه إليك الكلام الجارح؟

أو يسيء إليك بالتصرفات غير اللائقة؟ أو يذكر أهلك بسوء؟ ونحو ذلك؟

وأنتي أيتها الزوجة العزيزة ، أيرضيك أن تسخط عليّ أمي فلا ترضى ، وتدعو علي بدلا من أن تدعو لي؟

ونحو ذلك التدبير الذي تستطيع به أن تلج إلى قلبين أهمك أمرهما ، وشغلك غضبهما.

دون أن تتعرض للمسيء ، وخاصة الأم ، بالتصريح بالظلم والعدوان ،

وتقبيح الحال المفضي إلى التعدي ونحو ذلك مما يعقد الأمور ويفسد القضية.

ولكن ، الحكمة والموعظة الحسنة ، ثم تهمس بأذن الزوجة قائلا لها بلسان المحرض على العفو والمسامحة :

قد قال الله تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34).

وفي حديث آخر : ( وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا )

رواه الترمذي (2325) وصححه الألباني.

وتبين لها أن العفو أحب إلى الله وأرضى ، وأنك إنما تعفين عن أحب الناس إليّ ،

وهي أمي ، وأن ذلك لا يزيدك عندي إلا كرامة.

لا يجوز لزوجتك أن تقطع علاقتها بأمك بالهجر والخصام ؛ فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ،

كما هو معلوم ، وقد صح عنه صل الله عليه وسلم أنه قال :

إقرأ أيضا: بيت الجد

( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) رواه أبو داود (4915) وصححه الألباني.

وقال أيضا : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، فَإِنَّهُمَا نَاكِبَانِ عَنْ الْحَقِّ مَا دَامَا عَلَى صُرَامِهِمَا ،

وَأَوَّلُهُمَا فَيْئًا يَكُونُ سَبْقُهُ بِالْفَيْءِ كَفَّارَةً لَهُ ، وَإِنْ سَلَّمَ فَلَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ الشَّيْطَانُ ،

وَإِنْ مَاتَا عَلَى صُرَامِهِمَا لَمْ يَدْخُلَا الْجَنَّةَ جَمِيعًا أَبَدًا ) رواه أحمد (15824) وصححه الألباني في الصحيحة (1246) .

ولكن إذا كانت المخالطة بينهما تؤدي دائما إلى إيذاء الزوجة ، والوقيعة بأهلها ، فإن هذا مما لا يجوز حدوثه من قبل الأم ،

كما لا يجوز السكوت عنه من قبلك ، فإن حقوق الناس محترمة ، ومن آذى مسلما بغير حق انتُصٍف منه يوم القيامة.

فلا بد أن تنبَّه الوالدة إلى هذا الخطر العظيم ، وأن توعظ في هذا الأمر بالعبارة الرقيقة الممزوجة بالتخويف من الله.

وعلى ذلك : فإذا أصرت الأم على هذه الحال مع الزوجة ،

فإن الصواب عدم تمكينها من ذلك ، بمنع الزوجة من الذهاب إليها والدخول عليها ،
ولا حرج على الزوجة حينئذ ،

في ترك مخالطتها وزيارتها والذهاب إليها ؛ فإن هذا غير واجب عليها من حيث الأصل ،

وإنما الواجب ترك الهجر من غير سبب شرعي يبيحه.

ونحن لو قدرنا تجاوز الزوجة وعفوها ، وتنازلها عن حقها ، فكيف بحق أهلها؟

وما ذنبهم أن يعابوا ويهانوا ويذكروا بالمكروه بالغيب دون جريرة فعلوها أو إثم ارتكبوه؟

إقرأ أيضا: أنا سعيد طوال الوقت

لكن إذا قدر أنهما اجتمعا في مكان الزوجة والأم ، فعلى الزوجة أن تسلم عليها إذا لقيتها ؛ فخيرهما الذي يبدأ بالسلام ،

وإذا كلمتها أو سلمت عليها الأم : وجب عليها أن ترد سلامها وتحيتها.

ولا يضرك حينئذ ، تهديد الوالدة بالدعاء عليك ، وعدم الرضا عنك ؛

فإن الله حرم الظلم على نفسه ، وجعله بين الناس محرما ، وأخبر أنه لا يحب الظالمين ، وقد قال تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة/8

والمعنى : قوموا لله بالعدل في أقوالكم وأفعالكم ، وقوموا بذلك على القريب والبعيد ، والصديق والعدو.

ولا يحملنكم بغض قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا ، بل كما تشهدون لوليكم ، فاشهدوا عليه ،

وكما تشهدون على عدوكم فاشهدوا له ، ولو كان كافرا أو مبتدعا ، فإنه يجب العدل فيه.

راجع : “تفسير السعدي” (ص 224)

وأيضا : فكما لا يجوز أن يحملكم بغض قوم على ترك العدل ، فكذا لا يحملكم حب آخرين على تركه ، ولكن اعدلوا في كل حال.

ولا شيء عليك في ذلك كله ، إذا كنت قد اجتهدت في الإصلاح ما استطعت ، ثم عجزت عنه ،

ولو تهددتك الوالدة بالدعاء عليك ونحو ذلك ، فإن الله تعالى لا يجيب من دعا بإثم أو قطيعة رحم.

ولكن لا بد من مراعاة تمام البر لها ، والصبر على ما يقع منها من مكروه ، واحتمالها على كل حال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?