معنى حديث إن الله لا ينظر إلى صوركم

معنى حديث إن الله لا ينظر إلى صوركم

إن الرسول صل الله عليه وسلم يقول : إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

فيقول أنه يدعي بعض الناس إستنادا لهذا الحديث أن المهم فقط هو القلب ،

فتراه يقول أن قلبه عامر بالإيمان ، ولكنه لا يؤدي الشعائر المطلوبة منه وخلاف ذلك ،

فما تعليقكم على ذلك؟

هذا يسأل عما جاء في الحديث الصحيح : أن النبي عليه الصلاة والسلام، قال :

إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

يقول أن بعض الناس قد يتعلق بهذا ، ويقول :
إن المُعول على القلب ، وأن العمل لا معول عليه ،

ولهذا إذا نصح وقيل له : اتَّقِ الله ، قال : “الإيمان في القلب”، هكذا يقول بعض الناس ،

فإذا نصحته عمَّا يحصل منه من المعاصي ، من التساهل بالصلاة ، أو البخل بالزكاة ، أو غير هذا ،

أو حلق لحيته ، أو إسبال ملابسه ، أو تعاطيه المسكر ، أو ما أشبه ذلك ؛ قال : الإيمان في
القلب.

وهذا الإحتجاج بهذا الكلام حجة شيطانية باطلة ، فإن القلب هو الأساس ، فمتى صلح القلب صلحت الأعمال.

كما سمعت في الحديث الآخر ، فلو كان الإيمان في القلب صحيحا موجودا لمنعك من هذه المعاصي ، ولكنه ضعيف أو معدوم.

ثم في الحديث نفسه قال : ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ،

فجعل العمل مع القلب ، هكذا رواه مسلم في “الصحيح”،

فلم يقل العمل قال : ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

وفي حديث النعمان المتقدم قال : في القلب مُضْغَةٌ ، إذا صلحت صلح الجسد كله بالعمل الصالح ، فإذا صلح القلب صلح البدن.

إقرأ أيضا: يقول ابن الجوزي لقد تاب على يدي في مجالس الذكر

فانقادت الجوارح لطاعة الله ، وانكفت عن محارم الله ،

هذا هو الصلاح ، فإذا كان الجسد لم يصلح فهذه علامة أن القلب لم يصلح ،

وأن الإيمان فيه معدوم أو مريض مدخول ضعيف.

والإيمان يزيد وينقص ، وهو قول وعمل عند أهل السنة والجماعة، والله يقول : وَقُلِ اعْمَلُوا [التوبة:105] ،

ويقول : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32] ،

ما قال بإيمانكم فقط ، قال : بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، فالإيمان قول وعمل ، والصلاة عمل ، والزكاة عمل وهكذا ،

فالواجبات التي فرضها الله من الإيمان ، وترك المحارم من الإيمان.

فالواجب على العبد أن يتقي الله ، وأن يحذر التعلقات التي تضره وتغضب الله عليه ،

فإيمانك إذا صح في قلبك حملك على أداء الفرائض ، وعلى ترك المحارم ،

ومتى وجد منك الخلل في بعض الواجبات ، أو ركوب بعض المحارم ،

فذلك دليل على ضعف إيمانك.

وكلما زاد الضَّعفُ صار الخطر أكبر ، وربما توالى حتى يزول الإيمان بالكلية.

وهكذا المعاصي : كلما زادت ضعف القلب ، وضعف الإيمان ،

وربما جره ذلك إلى الإنسلاخ من الإيمان بناقض من نواقض الإسلام ، فإن المعاصي بريد الكفر ، كالمرض بريد الموت.

فالواجب على المسلم أن يتقي الله ، وأن يحذر الشيطان والهوى ، ويتباعد عن محارم الله ويحذرها ،

وأن يجتهد في أداء ما أوجب الله ، فهذا هو الدليل على صلاح القلب.

المصدر :
العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله.

Exit mobile version