من أصلح سريرته أصلح الله علانيته
كان العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات ، وإذا غابوا كتب بها بعضهم إلى بعض أنه :
(من أصلح سريرته ، أصلح الله علانيته ، ومن أصلح ما بينه وبين الله ، كفاه الله ما بينه وبين الناس ،
ومَن إهتم بأمر آخرته ، كفاه الله أمر الدنيا ، ومن اهتم بآخرته ، كفاه الله أمر دنياه).
يقول شيخ الإسلام : الأمور الباطنة والظاهرة بينهما إرتباط ومناسبة ؛ فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة ،
وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورا وأحوالا” (اقتضاء الصراط المستقيم).
وقال مالك بن دينار : القلوب كالقدور، والألسنة مغارفها ، فإذا تكلم العبد فاسمع ما يقول فإنما يغترف لك لسانه من قلبه.
وهذا المعنى أخذه مالك من الحديث الذي صح عن النبي صل الله عليه وسلم : لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ،
ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» (السلسلة الصحيحة:2841).
وصلاح الظاهر يقوم على أمرين رئيسين :
حسن الخلق : وهو يشمل كل خلق حسن ، وأثر محمود ، في تعامله مع كل من حوله من الناس أو حتى من الحيوان.
صلاح العمل : وهو السعي في الأرض بالصلاح والإصلاح ، وأداء الحق الظاهر لله ولعباده ، والأمر بالمعروف وتكثيره ،
والنهي عن المنكر وتقليله.
فيدخل في ذلك جميع العبادات الظاهرة ، والأعمال الصالحة ، والتصرفات المشروعة ، والأفعال المحمودة.
وصلاح الباطن : يكون بصفاء القلب ونقائه ، ونظافته وطهارته من كل ما يعيب في النية أو الإعتقاد ،
أو فيما يبطنه الإنسان من سريرة ، أو يكون في قلبه من مرض أو حسد أو ضغن.
إقرأ أيضا: قال لي أي آيات الخوف تهزك وتخيفك أكثر من أختها؟
وما أحسن ما قاله بعض السلف : إن الخاسر من أبدى للناس صالح عمله ، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد.
والمقصود : أن إصلاح السريرة أمر عظيم ،
وما أجمل ما قال القحطاني في منظومته :
وإذا خلوت بريبة في ظلمة
والنفس داعيةٌ إلى الطغيان!
فاستحي من نظر الإله وقل لها :
إن الذي خلق الظلام يراني!