من أقوال الصالحين في حب الشهرة
اعلم أصلحك الله أن أصل الجاه هو إنتشار الصيت والإشتهار ، وهو مذموم ،
بل المحمود هو الخمول إلا من شهره الله لنشر دينه من غير تكلف طلب الشهرة منه ، قال الله تعالى :
( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا )
فقد جمع بين إرادة الفساد والعلو في الأرض وبين أن الدار الآخرة للخالي عن الإرادتين جميعا وفي الحديث :
“حسب امرئ من الشر أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه إلا من عصمه الله “
إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
ومن أعظم آفات حب الشهرة والشرف ، والتطلع إليها ، أن تطلب نفسه مدح الناس له ، بالحق أو بالباطل ،
وقد روى أحمد عن معاوية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول :
( إِياكم والتمادح فَإنه الذَّبْح ) وروي في فضيلة الخمول عنه صل الله عليه وسلم :
“رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره “
وعنه صل الله عليه وسلم : ألا أدلكم على أهل الجنة : كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره ،
وأهل النار : كل متكبر مستكبر جواظ.
والأخبار في مذمة الشهرة وفضيلة الخمول كثيرة.
ومعلوم أن المطلوب بالشهرة وانتشار الصيت هو الجاه والمنزلة في قلوب الناس ، وحب الجاه هو منشأ كل فساد.
فالمذموم هو طلب الشهرة والحرص عليها ، فأما وجودها من الله تعالى من غير تكلف من العبد فليس بمذموم.
والحسن البصري يقول : “كفى فتنة للمرء أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من عصمه الله”.
وقال الشيخ ابن عثيمين : العبد الخفي : هو الذي لا يظهر نفسه ،
ولا يهتم أن يظهر عند الناس أو يشار إليه بالبنان أو يتحدث الناس عنه فتجده من بيته إلى المسجد ،
ومن مسجده إلى بيته ومن بيته إلى أقاربه وإخوانه ، يخفي.
إقرأ أيضا: قدم الخليفة هشام بن عبد الملك حاجا إلى مكة
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله : ” إن قدرت أن لا تُعرف فافعل ، وما عليك ألا تعرف ؟
وما عليك ألا يثنى الناس عليك ؟ وَما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله عز وجل ؟
فإذا عرفنا ذلك ، علمنا أن سلامة المرء هي أن يؤثر الخمول وعدم الظهور وأن يتواضع لربه ،
ويترك السعي في طلب الشهرة والشرف ، حتى لو كان ذلك في أمر مباح من أمور الدنيا.