من هي الزوجة الثالثة للنبي صل الله عليه وسلم؟
من هي الزوجة الثالثة للنبي صل الله عليه وسلم؟
هي إبنة أحب الناس إليه ، تزوجها بعد غزوة بدر في شوال في العام الثاني للهجرة بالمدينة.
كانت رضي الله عنها يقال لها الحميراء (وهو وصف للمرأة البيضاء المشربة بحمرة).
كان رسول الله صل الله عليه وسلم يحبها حبا كثيرا حتى إنه سأل من أحب الناس إليك قال عائشة ،
وكان فضلها رضي الله عنها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
هي الصدّيقة بنت الصدّيق أم عبد الله عائشة
بنت أبي بكر بن قحافة ، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكِنَانية ،
ولدت في الإسلام ، بعد البعثة النبوية بأربع أو خمس سنوات.
وعندما هاجر والدها مع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة ،
بعث إليها بعبد الله بن أريقط الليثي ومعه بعيران أو ثلاثة للحاق به ، فانطلقت مهاجرة مع أختها أسماء ووالدتها وأخيها.
وقد عقد عليها رسول الله صل الله عليه وسلم قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا وهي بنت ست سنوات ،
ودخل بها في شوال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات.
وقبل الزواج بها رآها النبي صل الله عليه وسلم في المنام ، فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو يحمل صورتها إليه ويقول له :
( هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ) رواه الترمذي وأصله في الصحيحين.
ولم يتزوج صل الله عليه وسلم من النساء بكرا غيرها ، وهو شرف استأثرت به على سائر نسائه ،
وظلّت تفاخر به طيلة حياتها ، وتقول للنبي صل الله عليه وسلم :
يا رسول الله ، أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرة قد أكل منها ، ووجدتَ شجراً لم يُؤكل منها ،
في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ ” قال : ( في التي لم يرتع منها ) ، وهي تعني أنه لم يتزوج بكراً غيرها ، رواه البخاري.
إقرأ أيضا: لماذا لم يذكر إسم هامان وزير فرعون في التوراة والإنجيل؟
وكان لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله صل الله عليه وسلم لم تكن لسواها ،
حتى إنّه لم يكن يخفي حبها عن أحد ، وبلغ من حبه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي تشرب منه ،
ويأكل من المكان الذي تأكل منه ، وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه : ” أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟
قال له : عائشة ) متفق عليه ، وكان النبي صل الله عليه وسلم يداعبها ويمازحها ، وربّما سابقها في بعض الغزوات.
وقد روت عائشة رضي الله عنها ما يدل على ملاطفة النبي صل الله عليه وسلم لها فقالت :
( والله لقد رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون بالحراب ،
ورسول الله صل الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه ،
ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ) رواه أحمد.
ولعلم الناس بمكانة عائشة من رسول الله صل الله عليه وسلم كانوا يتحرّون اليوم الذي يكون فيه النبي صل الله عليه وسلم عندها دون سائر الأيّام ليقدّموا هداياهم وعطاياهم ، كما جاء في الصحيحين.
ومن محبته صل الله عليه وسلم لها إستئذانه لنساءه في أن يبقى عندها في مرضه الذي توفى فيه لتقوم برعايته.
ومما اشتهرت به عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي صل الله عليه وسلم ،
التي كانت دليلا صادقا وبرهانا ساطعا على شدة محبتها له ،
وقد عبرت عن ذلك بقولها له : ” وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ ” رواه مسلم.
وفي يوم من الأيام كان النبي صل الله عليه وسلم عندها ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام ،
فقامت عائشة رضي الله عنها إلى الوعاء فكسرته ، فجعل النبي صل الله عليه وسلم ، يجمع الطعام وهو يقول :
( غارت أمكم ) رواه البخاري.
إقرأ أيضا: بينما النبي صل الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة
وكلما تزوج النبي صل الله عليه وسلم بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها لترى إن كانت ستنافسها في مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام ،
وكان النصيب الأعظم من هذه الغيرة لخديجة رضي الله عنها بسبب ذكر رسول الله لها كثيرا.
وعندما خرج النبي صل الله عليه وسلم في إحدى الليالي إلى البقيع ، ظنّت أنّه سيذهب إلى بعض نسائه ،
فأصابتها الغيرة ، فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته ،
فعاتبها النبي صل الله عليه وسلم وقال لها : ( أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ ) رواه مسلم.
والحديث عن فضائلها لا يمل ولا ينتهي ، فقد كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة ،
تُكثر من أفعال البرّ ووجوه الخير ، وقلّما كان يبقى عندها شيء من المال لكثرة بذلها وعطائها ،
حتى أنها تصدّقت ذات مرّة بمائة ألف درهم ، لم تُبق منها شيئا.
وقد شهد لها النبي صل الله عليه وسلم بالفضل ، فقال : ( فضلُ عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام ) متفق عليه.
ومن فضائلها قوله صل الله عليه وسلم لها :
( يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله ) متفق عليه.
وعلى الرغم من صغر سنها ، إلا أنها كانت ذكية سريعة التعلم ، ولذلك إستوعبت الكثير من علوم النبي صل الله عليه وسلم ،
حتى أصبحت من أكثر النساء رواية للحديث ، ولا يوجد في نساء أمة محمد صل الله عليه وسلم إمرأة أعلم منها بدين الإسلام.
ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه :
” ما أشكل علينا أصحاب محمد صل الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علما ” رواه الترمذي.
وقيل لمسروق : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟
إقرأ أيضا: هل يجوز قراءة القرءان بالعين والنظر دون القراءة بتحريك اللسان والشفتان؟
قال : إي والذي نفسي بيده ، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صل الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض. رواه الحاكم .
وقال الزُّهري : لو جمع علم نساء هذه الأمة ، فيهن أزواج النبي صل الله عليه وسلم ، كان علم عائشة أكثر من علمهنّ ” رواه الطبراني.
وإلى جانب علمها بالحديث والفقه ، كان لها حظ وافر من الشعر وعلوم الطب وأنساب العرب ،
واستقت تلك العلوم من زوجها ووالدها ، ومن وفود العرب التي كانت تقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم.
ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، ومنها آية التيمم ،
وذلك عندما إستعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة ، فضاعت منها ، فأرسل رسول الله صل الله عليه وسلم بعض أصحابه ليبحثوا عنها ،
فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماء فصلوا بغير وضوء ، فلما أتوا إلى النبي صل الله عليه وسلم شكوا إليه ،
فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير لعائشة :
” جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا ، وجعل للمسلمين فيه بركة ” متفق عليه .
وعندما ابتليت رضي الله عنها بحادث الإفك ، أنزل الله براءتها من السماء قرآناً يتلى إلى يوم الدين ،
قال تعالى: { إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي توَلى كبره منهم له عذاب عظيم ، لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين } (النور: 11-12).
وقد توفيت سنة سبعة وخمسين ، عن عمر يزيد على ثلاث وستين سنة ،
وصلى عليها أبو هريرة ، ثم دفنت بالبقيع ، ولم تدفن في حجرتها بجانب رسول الله صل الله عليه وسلم ،
فقد آثرت بمكانها عمر بن الخطاب ، فرضي الله عنهما وعن جميع أمهات المؤمنين.