ندم
جلست فريدة ممسكة بجهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز ، تتنقل من محطة لأخرى ، يسيطر عليها الملل ، فالتلفاز لم يعد يقدم شيئا جديدا كلها برامج وأفلام سخيفة ومكررة.
أخيرا إستقرت على ما يمكن أن تشاهده ،
واحدا من تلك البرامج الذي يقومون فيها بتسليم جوائر للفنانيين والمطربين والمتميزين في نهاية العام.
وضعت جهاز التحكم جانبا ، واستمعت لصوت المذيعة الشهيرة وهي تتحدث قائلة :
جائزة إكتشاف العام يفوز بها الطبيب مؤمن سعيد.
لفت إنتباهها الإسم ، بمجرد صعوده للمسرح لإستلام الجائزة الخاصة به ، تأكدت أنه هو.
كان متألقا أنيقا كعادته ، مع إختلاف بسيط طرأ عليه ، كان يرتدى نظارة طبية ذات إطار ذهبي ، وقد بدأ الشيب يغزو مقدمة رأسه.
فتحت عينيها بذهول غير مصدقة لما تراه ، تذكرت حديثه لها عندما كان يخبرها بأنه يمتلك أحلاما كبيرة ،
وسوف يأتي اليوم الذي يقوم بتحقيقها فيه ، وعندها سوف يقف له الجميع إحتراما على ما سوف يقدمه للبشرية من نفع ،
ولسوف يحفر إسمه بأحرف من نور وسط كبار العلماء.
تذكرت سخريتها منه وهي تخاطبه قائلة :
أتظن نفسك أديسون أو أينشتاين ، يجب أن تكون واقعي وتفكر في جلب المال لا أن تسير خلف وهم وضرب من الخيال.
تتذكر أنه عندما كان ينتهي من بحث جديد ، أو الوصول لحل إحدى المعادلات المعقدة ،
يسرع إليها تكون أول شخص يخبرها ، لتشاركه فرحته ، لكنها دوما ما كانت تسخر منه ، وتقلل مما يقوم به.
إقرأ أيضا: قصتان رائعتان مع ضياع قلم الرصاص
عندما ذهب لأهلها طالبا الزواج منها ، كان غير مرحبا به على الإطلاق ،
خيرته بين فرصة العمل بالخارج المعروضة عليه لجني المال أو أن يتركها وشأنها ،
فهي لا تستطيع الإرتباط بشخص يعيش في حلم مستحيل أن يتحقق.
إنتبهت للتلفاز مرة أخرى ، رأته ممسكا بالجائزة
ويتحدث قائلا :
لقد تحملت سخرية الكثيرين الذين إتهموني بالجنون وأنني أحيا في وهم كاذب ، كانوا واثقين من فشلي.
لكنني تحملت وواصلت السير دون أن ألتفت لما يقولون ، مستمعا لذلك الصوت بداخلي بأن أواصل التقدم ،
كلما تملك مني اليأس ، يصرخ بقوة يطالبني بالنهوض ومواصلة طريقي.
وكل ذلك الفضل يعود لزوجتي التي وقفت بجواري وساندتني وأمنت بي عندما خذلني الجميع.
أشار بيده إليها ، فصعدت للمسرح ، قام بإعطائها الجائزة ، أمسكا بها سويا ،
أمام عدسات الكاميرات التي أخذت تلتقط الكثير من الصور لهما.