نعمة الرضا
في أحد القرى الصغيرة ، كان يعيش شاب سعيد جدا ، وكان من أشد الناس فقرا حيث لا يمتلك أي قطعة أرض ولا أغنام ،
ولا يملك سوى أمه وأباه المسنين ومنزله المبني من الطين والقش؟
وكانت تربطه علاقة قوية جدا بالله ، حيث تجده مبتسما رغم جوعه وفقره وقسوة الحياة وألم الظروف.
وكان والده معاق وأمه عمياء وكان هو من يقوم بعولهما ويقضي حاجتهما ولم يمل ولم يفكر لمرة واحدة في مستقبله ،
أو إلى متى سوف يبقى على هذه الحالة؟ ورغم كل تلك المآسي ، دوما مبتسما صابراً راضيا بما كتبه الله له.
وكان ذلك الشاب محبوباً جداً بين سكان قريته ، نعم كيف لا يكون محبوباً وهو قد تعلق قلبه بحب الله وطاعته.
يقول أحد جيرانه في أحد الليالي مررت بجاور منزله ، فسمعت صوت بكاء ، اقتربت فكان هو صاحب الصوت ،
فتعجبت معقولة صاحب الإبتسامة الدائمة والسعادة المشرقة يبكي ، فقررت أعرف ما هو السبب؟
فسمعته يقول وهو يبكي : ربي أنت تعلم بما في قلبي وأنت تعلم ما سبب حزني ،
ربي فبعزتك وجلالتك إني أستحي أن أطلب منك طلباً لنفسي ، ولكن أبي وأمي عاجزين ولم أستطع إطعامهما اليوم ،
وناما دون أن يأكلا شيئاً ولا يوجد شيء بيدي لكي أقدمه لهما ، وأنت وحدك من يعلم بحالي ، وإني أخاف أن تحاسبني على تقصيري.
فكنت أسمع وأنا أبكي دون ٳرادتي ، فقلت في نفسي هل كل هذا البكاء من أجل ناما والديه دون أن يأكلا.
فذهبت مسرعاً إلى منزلي وأخذت خبزاً وتمراً وحليباً وعدت وثم وضعت الطعام بجانب الباب وطرقت الباب ،
ورحلت مسرعا حتى لا يعرف بأني كنت أسمع حديثه الذي دار بينه وبين ربه.
ثم اختبأت خلف شجرة ، فتح الباب فوجد الطعام موضوعا على الأرض ، ثم بكى ورفع يده إلى السماء وقال :
كنت أعلم بأنك لن تردني لأني أعرف بأنك كريم بالعطاء فلك الحمد والشكر دأئماً وأبدا.
إقرأ أيضا: كان هناك طفل نائما في الفصل على الطاولة
وبعد أسبوع نزلت لجنة منظمة أجنبية وعلى رأسها رجال من الدولة إلى القرية ،
وكان قد رفع أبناء القرية مذكرة مطالبين من الدولة حفر بئر مياه للمواطنين ،
وبعد بحث ومسح على المكان المناسب من أجل حفر البئر ؛ وفجأة رصدت المؤشرات أن يوجد بئر نفطي من النوع الخام ،
تحت أرض منزل الشاب الفقير ، وقررت المنظمة أن تعطي الشاب تعويضاً مالاً لا تعد ولا تحصى مقابل المنزل المصنوع من الطين والقش ،
وبجانب المال راتب شهري لمدة عشر سنوات.
تبدل حال الشاب من الفقر إلى الغناء.
نعم عندما يعطي الله يدهش.
لقد بكى من أجل جوع والديه ، ثم بكى وشكى لله خوفاً على أن يحاسبه بسبب قلة حيلته وضعفه لوالديه ،
فأكرمه الله بالعطاء المدهش.
ليته يعلم ماذا يحدث اليوم في زماننا هذا ..
هناك من يهجر والديه وهناك من يذهب بهم إلى دار الرعاية وهناك من عاق بوالديه.