هل الجن مكلفون؟ وهل النبي محمد مرسل إليهم؟
أجمعت الأمة على أن الجن مكلفون ، مأمورون بالإيمان ، وبعبادة الله تعالى.
قَالَ اللهُ تَعَالَى :{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }*
[الذاريات:56]
قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ : الجِنُّ مَأمُوروْنَ بِالأصُول ، وَالفُروعِ بِحَسَبِهِمْ ، مُشَارِكُوْنَ الإنْسَ فِيْ جِنْسِ التَكْلِيْفِ بِالأمْرِ وَالنَّهِيْ ،
وَالتَّحْلِيْلِ وَالتَّحْرِيْمِ ، وَهَذَا مَا لَمْ أعْلَمْ فِيْهِ نِزَاعَاً بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ.
قَالَ تَعَالَى :{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ }*
[الرحمن:31]
{ سَنَفْرغُ لَكُمْ } :أيْ سَنُحَاسِبُكُمْ ، وَنِعَاقِبُ العَاصِي ، وَنُثِيْبُ الطَّائِعَ.
وَقَالَ تَعَالَى :{ يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }*
[الأحقاف:31]
هَلْ أرْسِلَ النَّبِيُّ مَحَمَّدٌ صل الله عليه وسلم إلى الجن :
قَالَ رَسُولَ اللهِ صل الله عليه وسلم : فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ : أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ،
وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ*
صحيح مسلم
قَالَ رَسُولُ اللهِ صل الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ،
وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يُصَلِّي حَتَّى يَبْلُغَ مِحْرَابَهُ ، وَأُعْطِيتُ الرُّعْبَ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ ،
فَيَقْذِفُ اللهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى خَاصَّةِ قَوْمِهِ ، وَبُعِثْتُ أَنَا إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ،
وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ يَعْزِلُونَ الْخُمْسَ فَتَجِيءُ النَّارُ فَتَأْكُلُهُ ، وَأُمِرْتُ أَنَا أَنْ أَقْسِمَهَا فِي فُقَرَاءِ أمتي ،
وَلَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ سُؤْلَهُ وَأَخَّرْتُ شَفَاعَتِي لِأُمَّتِي.
السنن الكبرى للبيهقي : 4266
قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ : أَرْسَلَ اللهُ مُحَمَّدَاً صل الله عليه وسلم إلى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ : الإنْسِ وَالجِنِّ ، وَأوْجَبَ عَلَيْهِمُ الإيْمَانَ وَمَا جَاءَ بِهِ ،
وَهُوَ أصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ، وَالتَّابِعِيْنَ ، وَأَئمَّةِ المُسْلِمِيْنَ ، وَسَائِرِ طَوَائِفِ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ.
إقرأ أيضا: صلاة الإستخارة .. ما هي صلاة الإستخارة؟
الجِنُّ يَسْتَمِعُوْنَ القُرْآنَ مِنْ فَمِ رَسُوْلِ الله
قَالَ اللهُ تَعَالَى :{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ
قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ
يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
[الأحقاف:32]
وَقَالَ تَعَالَى :{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا }*
[الجن:2]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : إنْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ،
وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ ، فَقَالُوا : مَا لَكُمْ
فَقَالُوا : حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ ،
قَالَ : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا مَا حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ ،
فَانطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ،
قَالَ : فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ بِنَخْلَةَ ،
وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ ،
فَقَالُوا : هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ،
إقرأ أيضا: نوايا عند قراءة القرآن
فَقَالُوا : يَا قَوْمَنَا { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ☆ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا }*
[الجن: 2]
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ }*
[الجن: 1]
وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ.
صحيح البخاري
عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ :
هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .
فَقُلْنَا : إسْتُطِيرَ أَوِ إغْتِيلَ.
قَالَ : فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.
فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .
فَقَالَ : أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ.
قَالَ : فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ : لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ إسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ.*
صحيح مسلم
{ الأوْدِيَةِ } : هِيَ جَمْعُ الوَادِي.
{ والشِّعَابِ } :جَمْعُ شِعْبٍ وَهُوَ الطَّرِيْقُ فِيْ الجَبَلِ.
إسْتُطِيرَ أَوِ إغْتِيلَ : أيْ طَارَتْ بِهِ الجِنُّ ، أو اغتَالَتْه.
عَنْ مَعْنٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، قَالَ : سَأَلْتُ مَسْرُوقًا : مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صب الله عليه وسلم بِالْجِنِّ لَيْلَةَ إسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟
فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبُوكَ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّهُ آذَنَتْهُ بِهِمْ شَجَرَةٌ.
{ مَنْ آذَنَ } : أيْ مَنْ أعْلَمَهُ بِحُضُوْرِ الجِنِّ.
صحيح مسلم.