همسة تربوية
بسبب الشدة التي نحن عليها صرنا نخاف على أبنائنا من تأثيرات القسوة ،
وبتنا نخشى عليهم حتى من العوارض الطبيعية كالجوع والنعاس.
فنطعمهم زيادة ، ونتركهم كسالى نائمين ولا نوقظهم للصلاة ، ولا نحملهم المسؤولية شفقة عليهم.
ونقوم بكل الأعمال عنهم ، ونحضر لوازمهم
ونهيء سبل الراحة لهم ، ونقلل نومنا لنوقظهم ليدرسوا.
فأي تربية هذه؟
لماذا نحمل مسؤوليتنا ومسؤليتهم ؟
ألسنا بشرا مثلهم ولنا قدرات وطاقات محدودة؟
إننا نربي أبناءنا على الإتكالية ، وفوقها على الأنانية ،
إذ ليس من العدل قيام الأم بواجبات الأبناء جميعا وهم قعود ينظرون!
فلكل نصيب من المسؤولية والله جعل أبناءنا عزوة لنا ، وأمرهم بالإحسان إلينا ، فعكسنا الأمر ،
وصرنا نحن الذين نبرهم ونستعطفهم ليرضوا عنا!
ولأن دلالنا للأبناء زاد عن حده إنقلب إلى ضده ؛ وباتوا لا يقدرون ولا يمتنون ويطلبون المزيد!
فهذه التربية تفقد الإبن الإحساس بالآخرين
ومنهم أمه وأبوه ، ولن يجد بأسا بالراحة على حساب سهرهم وتعبهم.
وإني أتساءل : ما المشكلة لو تحمل صغيرك المسؤولية؟
ماذا لو عمل وأنجز؟ وماذا لو شعر بالمعاناة وتألم؟
فالدنيا دار كد وكدر ولا مفر من الشقاء فيها ليفوز وينجح ،
والأم الحكيمة تترك صغيرها يتحمل بعض مشاقها وتعينه بتوجيهاتها ، وتسنده بعواطفها.
فيشتد عوده ويصبح قادرا على مواجهة مسؤولياته وحده.
فالوالدان لا يريدون أن يتعبوا أبنائهم ،
والأبناء لا تتحرك مشاعرهم وأحاسيسهم تجاه والديهم.
تقدير وتحمل المسؤولية تربية تزرعها أنت في أولادك ،
لأنهم بعد الزواج سيحملون الثقافة التي إكتسبوها من بيوت أهلهم إلى بيت الزوجي ، وأي ثقافة تلك ثقافة الإعاقة الإتكالية.
إقرأ أيضا: لا تكوني أما عادية!
عزيزي ولي الأمر : أن تعود إبنك أو إبنتك على تحمل بعض المسؤوليات في البيت يساعد في بناء شخصيتهم وبناء جيل مسؤول إجتماعيا.
تحمل المسؤولية يجعلهم أقوى ويعينهم على مواجهة ما سيأتيهم مستقبلا.
ويساعدك أنت في الإعتماد عليهم ويساعدهم هم في التفكير بالآخرين ،
ما يجعلهم أقل أنانية وأكثر تقديرا وفاعلية في بيوتهم ومحيطهم ومن ثم وظيفتهم ومجتمعهم مستقبلا.
في حين إتكالهم عليك يجعلهم أكسل وأضعف وأكثر سطحية ولا يعدهم للمستقبل.
بل كيف لشخص إتكالي أن ينشىء أسرة مستقلة ومستقرة؟
وبعدها نتساءل عن سبب إرتفاع معدلات الطلاق في جيل اليوم!
إن لم تربوا أبناءكم على تحمل المسؤولية ستعلمهم الدنيا ،
لكن دروس الدنيا ستكون صادمة ومتأخرة وأقل حنانا وأكثر قسوة منك.