وأن سعيه سوف يُرى
وأن سعيه سوف يُرى
بينما أقرؤها في وردي تركت مصحفي وتوجعت لنفسي ، وأسيت لحالي.
واسوأتاه منك يا رب ، واخجلتاه منك يا رب!
أي سعي هذا الذي تراه مني؟!
أي عمل هذا الذي لا يملأ شيئا من الميزان تنظر إلي وأنا أعمله؟!
حياة فارغة إلا من عبادات قليلة هنا ، ومثلها هناك ، يستحي أحدنا أن يراها في صحيفته بعض ولده ، فكيف بربه؟!
أعمار طويلة ، ونواصي يملؤها الشيب ، وليس في سعينا ما يستحق قداسة نظرتك ، ولا عظيم رؤيتك!
كم أرعبتني هذه الجملة : “سوف يرى”
آه لو كانت الصحائف بالإختيار لاخترت صحائف أتشرف بها في الدنيا وأنا أستشعر نظر الله ،
وفي الآخرة وأنا أتفاخر بها أمام خلق الله.
كما قال الحسن البصري رحمه الله : لو قيل لي يا حسن ، إختر صحيفة تلق بها ربك ، لاخترت صحيفة محمد بن واسع.
وإذا كان الحسن البصري يتمنى لو لقي ربه بصحيفة غيره ، فكيف لو رأى صحائفنا وقبائحنا؟!
الأمر جد موجع يا أحبة.
مجرد شعورك أن الله جل جلاله يرى منك هذه الصلاة السريعة ، واليوم الفارغ ،
واللفظ الخارج ، واليد الشحيحة ، مجرد إستشعارك لنظر الله يخجلك.
عبد الله بن حرام لما استشهد يوم أحد ولقي الله تعالى تمنى عليه سبحانه أن يعود إلى الدنيا ليجاهد من جديد ويقتل من جديد ،
لأنه شعر أنه لم يستكمل ما يشعره بتمام رضا مليكه سبحانه عنه ، فأبى الله ذلك لأنه وعد أن الميت لا يعود.
سبحان الله! عاش حميدا ومات شهيدا ثم يستقل ما فعل ويتمنى أن يعود ليحسن العمل ،
فكيف بمن يعيش بطالا مثلي أبيض الورقات كثير السيئات؟!
علي إبن أبي طالب لما دخل عليه ضرار الصدائي رآه يبكي ويقول كلاما كثيرا ختمه بقوله :
“آه من قلة الزاد وبعد الطريق”
فليت شعري أي زاد زادنا ، وأي طريق طريقنا؟!
إقرأ أيضا: سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاب بالمدينة
بعضنا يرتبك إذا دخلت عليه طفلته أو إمرأته أو صديقه لخجله من بعض ما يفعل ، أو لعدم إعتداله في نومته ، أو لانكشاف بعض جسمه.
بينما يراه الله على حال لا تسر ومع ذلك لا يعدل من هيئته!
“وأن سعيه سوف يرى”
كم يفعل بنا القرآن الأفاعيل ، ولو تدبرناه لتركنا هذه التفاهات والأباطيل.
والله لو تعاملنا مع الله تعالى معشار ما نتعامل به مع رؤسائنا في العمل وهم يراجعون تقاريرنا لتغيرت أحوالنا ،
لكن بوصلات القلوب إتجهت نحو المخلوق أكثر من الخالق إلا من رحم الله.
ليتنا نعيد توجيه قلوبنا إلى إستشعار قوله تعالى : وأن سعيه سوف يرى.
فإنها والله لو استوعبتها القلوب ، لكانت من الحياء تذوب!