وريقة الحناء الجزء الثاني
وريقة الحناء الجزء الثاني
تبسمت العجوز لكلام وريقة الحناء وقالت تطمئنها وهي تربت على ظهرها : لا عليك يا ابنتي لا تنزعجي من شيء ،
قومي فورا واغتسلي وتزيني واذهبي إلى العرس مثل سائر الفتيات ،
وأنا سأتكفل بعمل كل ما طلبته منك خالتك في لحظات.
قالت العجوز ذلك ثم مدت يدها إلى صندوق بجانبها وأخرجت من داخله ملابس من الحرير الفاخر ، وعقودا من الذهب والألماس،
وقدمت لها حذاء أبيض ليس له شبيه ثم راحت تساعدها على ارتداء ملابسها والتزين بالحلي ،
وتمشط لها شعرها وعندما انتهت من ذلك قالت تنصحها :
إذهبي رأسا إلى بيت العرس وابدئي بالرقص فور وصولك ولا تلتفتي لأحد أثناء رقصك ،
وعندما تقنع نفسك عودي سريعا إلى البيت مفهوم؟
فردت عليها وريقة الحناء وهي تكاد تطير من الفرح مفهوم يا جدة.
ثم طبعت قبلة على جبين العجوز وانصرفت مسرعة إلى حيث يقام العرس ،
وراحت تجري وهي ممسكة بيديها أطراف ثوبها لئلا يتسخ من التراب.
وعندما وصلت إلى مكان الحفل اتجهت مباشرة إلى حلبة الرقص وأخذت تزيح الواقفين في طريقها بيديها ،
حتى وصلت إلى وسط المرقص فراحت ترقص وترقص والجميع يشاهدونها ويتعجبون من جمالها.
ومن الملابس والحلي التي تكسوها ويتساءلون فيما بينهم حول بنت من عساها تكون ،
وهل هي إحدى الأميرات أم أنها من عامة الشعب؟
همست إكرام في أذن أمها قائلة : إنها تشبه وريقة الحناء ولو كنت غير متأكدة من وجودها في البيت ، لقلت أنها هي دون شك.
فزجرتها أمها قائلة : ما الذي سيأتي بوريقة الحناء إلى هنا وقد تركناها في البيت ولديها عمل لن تخلص منه قبل أسبوع.
إقرأ أيضا: تقول دخلت علي في العيادة إمرأة في الستينات
ثم أردفت متسائلة : ثم من أين لوريقة الحناء إن صح ظنك بهذه الملابس والمجوهرات التي لا يقدر على شرائها إلا بنات الأكابر ،
ثم تنهدت بحرقة وقالت متحسرة : الله يعلم ابنة أي سلطان هذه.
أثناء ذلك كان إبن السلطان يتابع رقص وريقة الحناء باهتمام شديد ولم يغب نظره عنها للحظة ، حيث كان قد فتنه جمالها ،
واُعجب بحسن هندامها وطيلة الوقت لم يكن مشغولاً بغيرها.
وعندما شعرت وريقة الحناء بالتعب من شدة الرقص عملت بنصيحة المرأة العجوز فتركت الحفل مسرعة وأخذت تجري نحو باب الخروج ،
حيث كانت تقف خالتها مع ابنتها إكرام بين حشود الحاضرين.
وهناك وقعت عينيها بعيني خالتها التي أخذت تدقق النظر بوجهها فانتابها عندها الخوف من التعرف عليها ،
وأسرعت في مشيها وهي تتحاشى النظر بوجه خالتها ،
فوقع منها أثناء ذلك حذائها عند مدخل الباب فتركته ورجعت إلى البيت مسرعة ، لتصله قبل أن ترجع خالتها وابنتها إكرام.
ثم قامت بخلع ملابسها الجديدة وارتدت أسمالها البالية ونكشت شعرها ،
ثم اتجهت نحو المطبخ لتتفقد ما تكفلت المرأة العجوز القيام به.
فوجدت كل صنف من الحبوب قد طحن ووضع في إناء منفرد كما طلبت منها خالتها تماما ،
ووجدت السلالم قد كنست أيضا ، فأمسكت بقبضتها بعضاً من الطحين وذرته على وجهها وساعديها وملابسها ،
ثم دخلت مسرعة إلى غرفتها وجلست تنتظر عودة خالتها وابنتها إكرام ،
لتقوم بسؤالهن عن أحوال الحفل وما حوله من مباهج وعمن حضرنه من الصديقات والمعارف ،
وعمن تغيب عنه مثلها وعن غيرها من الأمور التي ستتظاهر بعدم إطلاعها عليها.
أقبلت إكرام وأمها وهن شاردات الذهن من جمال تلك الفاتنة التي سلبت العقول ،
فاستقبلتهما وريقة الحناء والمكنسة بيدها كما لو أنها لم تغادر البيت ولم تكمل عملها بعد ،
إقرأ أيضا: فتاة تبلغ من العمر خمسا وعشرين عاما
وأخذت تسألهن بلهفة عن الحفل ومباهجه التي لم تتمكن من رؤيتها وعمن حضرنه من الصديقات والجيران.
فقالت خالتها تجيبها : لو كنت جئت وشاهدتي الذي شاهدناه كنت ما صدقتي عيناك.
فسألتها وريقة الحناء بلهفة : ماذا حدث ماذا حدث أرجوكما أخبراني ماذا حدث؟
همت إكرام بالكلام فقاطعتها أمها قائلة : بنت مجهولة لا يوجد في مثل جمالها كأنها نزلت من السماء ،
دخلت فجأة إلى حلبة الرقص وأخذت ترقص وترقص وقد أفسح لها الجميع المكان
بعد أن توقفوا عن الرقص ،
وأخذوا يتابعون رقصها الذي شد أنظارهم وسحرت قلوبهم بجمالها ،
حتى أن إبن السلطان لم يغفل عن متابعتها والتحديق بوجهها لحظة واحدة.
ثم صمتت قليلاً وكأنها تستعيد شريط الأحداث وواصلت حديثها قائلة :
ومثلما دخلت إلى المكان فجأة فقد خرجت منه فجأة ،
حتى أنها أثناء خروجها داست على قدمي بحذائها الذي وقع منها وأسرعت منصرفة دون أن تلتقطه.
فتناوله إبن السلطان الذي حاول اللحاق بها
وقد سمعته يقول وهو يتفحص الحذاء ويقلبه بين يديه ،
سأبحث عن صاحبة هذا الحذاء وسأتزوج بها يالها من فتاة محظوظة.
تظاهرت وريقة الحناء بالحزن على ما فاتها من مباهج الإحتفال فيما هي تكاد أن تطير من الفرح وهي تسمع عن إعجاب إبن السلطان بها ،
ورغبته بالزواج منها وتنهدت بحسرة قائلة
ليتني جئت معكم لأتفرج على تلك الفاتنة ،
واستمتع برقصها ،
ثم أردفت مازحة أو ليتي كنت مكانها.
إقرأ أيضا: ستتزوج بأخرى؟!
ضحكت خالتها من أمنيتها وأجابتها ساخرة : ما الذي سيوصلك أنت ابنة الراعي إلى مستواها ،
إذا كنا نحن ومن يكبرنا شأنا لم نتمكن من مشاهدتها إلا من أحد الأركان البعيدة ،
حيث كنا نتلقى الدفع والركل بالأيدي والأرجل من كل داخل وخارج للقاعة.
ثم أمسكت أصابع قدمها وأخذت تضغط عليها بيدها وتنهدت قائلة :
أه يا قدمي كادت الفتاة أن تهشم أصابع قدمي بحذائها الذي داستني به.
في اليوم التالي خرج إبن السلطان يرافقه عدد من الحراس لتفتيش بيوت القرية بيتاً بيتا ،
يبحث عن الفتاة صاحبة الحذاء الأبيض ويقيس الحذاء على كل فتاة يتم عرضها عليه ،
وكان كلما قام بقياسه على فتاه يجده إما أكبر أو أصغر من مقاسها وكان قد طاف بجميع منازل القرية ، ولم يتمكن من العثور عليها ،
وبدأ اليأس يتسرب إلى نفسه وقبل أن يهم بالعودة ،
ظهرت له المرأة العجوز فجأة وأخبرته بوجود منزل يقع في أطراف القرية لم يقم بزيارته وكان هذا البيت هو بيت والد وريقه الحناء.
فتوجه إبن السلطان ومن معه إليه وعندما وصل خبر قدوم السلطان إلى منزل وريقة الحناء ،
خافت خالتها بأن يتصادف مقاس هذا الحذاء مع مقاس قدم وريقة الحناء.
فأمرتها بأن تختفي بداخل التنور الذي يقع بغرفة سطح المنزل وأبرزت ابنتها إكرام لابن السلطان ،
لكي يقيس الحذاء على قدمها فلما قاسه وجده صغيراً.
فسـأل أمها قائلا : هل لديها أخت أخرى؟
فأنكرت أم إكرام ذلك قائلة : لا ليس لها أخت إنها ابنتي الوحيدة.
لم يقتنع إبن السلطان بكلامها وساوره الشك بعدم قولها الحقيقة ، فطلب منها السماح له بتفتيش غرف البيت ،
وعندما لم يجد بها شيء ، أوأمت له العجوز بالصعود إلى السطح ، وتفتيش غرفة المطبخ التي تقع هناك.
إقرأ أيضا: ملاك
فصعد ومن معه إلى السطح وعندما شعرت وريقة الحناء باقترابه منها أخرجت له قدمها من عين الموفى.
فجلس يقيس الحذاء على قدمها والعجوز وخالتها تراقبانه من بعيد ،
وعندما كان الحذاء مطابقاً لمقاسها فرح بذلك إبن السلطان وقام بإخراج وريقة الحناء من الموفى ،
وأخذها إلى أبيها يطلب الزواج منها ، فوافق الأب على تزويجه بابنته وتم تحديد يوم الزفاف.
اغتاظت أم إكرام من اختيار إبن السلطان وريقة الحناء زوجة له ، فقررت أن تزف له ابنتها إكرام بدلا من وريقة الحناء ،
فاستعدت بخطة شريرة لكي تقوم بذلك دون انتباه أحد.
تهيأ إبن السلطان ليوم العرس ، وقام بتزيين قصره لاستقبال العروس ،
فيما تهيأت أم إكرام لزفاف ابنتها عوض وريقة الحناء على إبن السلطان فألبستها أجمل الملابس ، وزينتها بأجمل الحلي والمجوهرات.
وكلفت وريقة الحناء القيام بإعداد الطعام واللحوم للضيوف الذين سيأتون للتهنئة ،
فلم تعصي وريقة الحناء أمر خالتها وقامت بعمل ذلك مكرهة.
ولما حان أوان زفة إكرام إلى بيت إبن السلطان ظهرت العجوز لوريقة الحناء التي كانت مشغولة بإعداد الطعام ،
وهمست بأذنها قائلة : إذهبي إلى إكرام وصفي لها أنواع وأصناف المأكولات التي أعددتيها ،
واطلبي منها بأن تصعد إلى المطبخ لتأكل منه حاجتها قبل زفافها ،
وإذا تذرعت بجلوسها انتظارا للزفة قولي لها بأنك ستجلسين مكانها إلى حين عودتها.
ذهبت وريقة الحناء إلى إكرام كما طلبت منها العجوز وقالت لها متحسرة أه يا أختي لو رأيت ما لدينا من طبيخ ولحم ،
وسط القصاوص والبرم ( القدور والأواني ) ستأكلي أصابعك من لذتها وكم سأبقى حزينة عليك إن أنتِ ذهبتي دون أن تتذوقي منها.
إقرأ أيضا: فحيح الأفاعي
هفت نفس إكرام وسال لعابها لأصناف الطعام التي أخذت تعددها لها وريقة الحناء ،
ولكن خوفها على ثوب الزفاف وغطاء رأسها وجلوسها على أهبة الإستعداد لزفافها إلى بيت السلطان وأهله الذين قد يصلون في أي لحظة ،
جعلها مترددة من الإقدام على فعل ذلك.
فقالت لها وريقة الحناء محاولة تبديد المخاوف من نفسها لا تقلقي بشأن ثوب الزفة ،
إذهبي أنت إلى المطبخ وتناولي ما تشتهي نفسك من طعام وأنا سأجلس هنا بدلا عنك تحت غطاء الوجه الذي ترتدينه ريثما تعودين.
خلعت إكرام غطاء وجهها وألقته جانباً وتوجهت مسرعة نحو المطبخ تبحث عن أواني اللحم ، وتمد يدها لتفتش ما بداخلها.
وأخذت تخرج أجزاء مما يحتويه كل إناء فتتذوقه بشراهة.
أما وريقة الحناء فقط ظهرت لها العجوز وقامت بمساعدتها على ارتداء أفخر الملابس والتزين بأجمل الحلي التي أحضرتها معها ،
وجلست تنتظر موعد الزفاف بدلاً من إكرام.
وأقبل العبيد والجواري مع السلطان لأخذ العروس إلى منزلها الجديد.
واقترب موعد الزفاف وحانت لحظات خروج العروس من بيتها فاتجهت أم إكرام لتزيح الغطاء الذي يغطي وجه العروس ،
وتودع ابنتها فذعرت عندما طالعها وجه وريقة الحناء بدلاً من وجه ابنتها إكرام.
فأخذت تسألها بحنق : أين إكرام ولماذا أنت تجلسين مكانها؟
ردت عليها وريقة الحناء وهي كآسفة الوجه لقد شعرت بالجوع فذهبت إلى المطبخ للأكل ،
وطلبت مني أن أجلس مكانها ريثما تعود.
راحت الأم تنادي ابنتها والحنق يملأ نفسها إكرام ، إكرام ، أين أنت.
إقرأ أيضا: حكاية الحطاب والقرد الجزء الأول
أسرعت نحو المطبخ لتعود بإكرام إلى مكانها ودخلت عليها المطبخ لتجد إبنتها وقد حشرت رأسها في قدر كبير مليء باللحم ولم تستطيع الخلاص منه ،
وكانت كلما رفعت القدر بيديها لتخرج رأسها منه انكب المرق على ملابسها ،
فعمدت أمها إلى كسر القدر حتى برز رأس إكرام من الأجزاء الباقية حول عنقها ،
وراحت تتطلع إلى ملابس ابنتها وزينتها فوجدتها قد اتسخت وتشوه زينة وجهها وتسريحة شعرها ،
ولا يوجد لديها متسع من الوقت لكي تعيد إصلاح ذلك ،
خاصة وقد دقت الطبول منذرة بخروج العروس وزفتها إلى بيت إبن السلطان.
فسكتت على مضض وأخذت تبكي وهي تندب حظها وحظ ابنتها ،
وهي تشاهد وريقة الحناء تزف بدلاً من ابنتها إكرام إلى بيت إبن السلطان.
عندما وصلت وريقة الحناء إلى بيت إبن السلطان قام باستقبالها بنفسه فرافقها إلى القصر ،
وعاشت معه عيشه سعيدة لا يكدر صفوها شيء.
كاد خلالها إبن السلطان أن ينسى زوجته الأولى التي دفعتها الغيرة من وريقة الحناء إلى التآمر مع ماشطة ساحرة ،
بأن تقوم بتحويل وريقة الحناء إلى طائر فوافقت الساحرة على القيام بذلك.
وذهبت ذات يوم إلى وريقة الحناء لتمشط لها شعرها كعادتها ، قامت بغفلة منها أثناء تمشيط شعرها بغرس عدد سبع شوكات مسحورة ،
من شجر الطلح في مؤخرة رأسها تحولت بعدها وريقة الحناء إلى طائر وطارت من شباك الغرفة إلى خارج البيت.
راح إبن السلطان يبحث عنها من مكان إلى مكان فلم يعثر عليها ،
وعندما تملكة اليأس قام باتهام أباها بخطفها وإخفائها عنه بغية ابتزازه.
إقرأ أيضا: لقد ندم فلان ندامة الكُسَعي
فأمر بحبسه وربطة إلى مربط الخيل حتى يحضرها إليه.
في صباح اليوم التالي ذهب بتول إبن السلطان كعادته يسوق الأثوار إمامة إلى الوادي وراح يحرث الأرض وإذا ( بجولبه ) ،
تسقط فوق شجرة قريبة منه راحت تناديه قائلة :
يا بتول ، يا بتول ، كيف حال الحريوين؟
أجابها البتول قائلاً : مستريحين مريحين لكن أبيك بين أرجل الخيلين.
سمعت الجولبة منه ذلك وراحت تبكي وتبكي وتستمر بالبكاء ، حتى هطل المطر من شدة بكائها ،
فتوقف البتول عن الحراثة وساق الثور عائداً إلى القرية.
وعندما رآه إبن السلطان عائدا قبل الأوان على غير عادته سأله عن سبب ذلك فأجابه البتول بأن شدة هطول المطر في الوادي ،
منعه من الحراثة.
سمع إبن السلطان منه ذلك فانصرف لشأنه متعجبا.
وفي اليوم التالي ساق البتول الثور كعادته صباح كل يوم وذهب ليحرث الأرض وما أن شرع بذلك ،
فإذا بنفس الجولبة تسقط فوق الشجرة التي سقطت عليها في اليوم الأول ،
وراحت تناديه بما نادته بالأمس فأجابها البتول بنفس الإجابة :
فراحت (الجولبة ) تبكي واستمرت ببكائها حتى هطل المطر.
لم يستطيع معه البتول من مواصلة حرث الأرض فساق الثور وعاد به إلى القرية.
وعندما سأله إبن السلطان عن سر عودته مبكرا أجابه البتول قائـلاً : المطر الشديد الذي هطل في الوادي منعني من الحراثة.
تعجب إبن السلطان من كلامه وقال له غاضبا إني لا أتعجب كيف يهطل المطر فقط بالوادي ولا يهطل لدينا هنا.
فأخذ البتول يقص عليه حكايته مع ( الجولبة )التي يهطل المطر من شدة بكائها حينما يلتقي بها ، وتبدأ بمخاطبته.
تعجب إبن السلطان من أمر تلك الجولبة وقرر معرفة حقيقة أمرها والذهاب معه صباح اليوم التالي.
إقرأ أيضا: ماذا ستفعل لو أنك تعيش في مكان تشعر فيه بالغربة
وفي اليوم التالي نهض إبن السلطان من نومه كعادته مبكرا وخرج مع البتول إلى الوادي لكي يستطلع الأمر عن قرب ،
وجلس على مقربة من المكان الذي شرع البتول في حراثته ،
متخذا من صخرة كبيرة مكانا يحتمي به من هطول المطر عليه وإذا ( بالجولبة ) تسقط في مكانها المألوف على الشجرة القريبة من البتول.
وأخذت تناديه : يا بتول ، يا بتول ، كيف حال الحريوين؟
فأجابها البتول قائلا مستريحين مريحين لكن أبيك بين أرجل الخيلين.
سمعت ذلك منه وراحت تبكي وتسترسل في البكاء حتى هطل المطر من كثرة بكائها ،
فأراد البتول أن يتوقف عن الحراثة ويعود إلى البيت فمنعه إبن السلطان وأمره بمواصلة الحراثة ،
واتجه نحو صخرة قريبة قعد تحتها ريثما يتوقف المطر.
ما هي إلا فترة بسيطة حتى طارت الجولبة من فوق الشجرة وسقطت بالقرب من الصخرة ،
وراحت تمشي حتى وصلت إلى مكان ابن السلطان فمسكها بيده وراح يتحسسها باليد الأخرى ،
وإذا بأصابعه تعثر على رؤوس الشوك والإبر المغروسة في مؤخرة رأسها ،
فراح ينزعها واحدة بعد الأخرى حتى أخرجها كلها وإذا بها ترجع إلى صورتها الأولى وريقة الحناء تقف أمامه وجها لوجه.
ففرح بها وعادا إلى البيت وهي تقص له ما صنعته الماشطة العجوز فقطع رأسها هي وزوجته الأولى عقابا لهما على شرهما ،
وأطلق سراح أب وريقة الحناء وأكرمه وعاش مع وريقة الحناء في سعادة وهناء.