وضع النساء صورهم في مواقع التواصل الإجتماعي
وضع النساء صورهم في مواقع التواصل الإجتماعي
كل من تضع أو يضع صورة لإمرأة على مواقع التواصل على حسابها الخاص أو كصورة شخصية ،
أو تنشرها على العام ويراها الرجال ويفتنون بها فلها بكل رجل يفتن بها نصيب من الإثم ،
فضلاً عن أصل الإثم الذي تحصل عليه من نشر تلك الصورة.
وكلما كانت الفتنة أعظم كان الإثم أكبر ، فكلما كانت صورة المرأة أكثر تبرجا وإظْهاراً لجمالها ،
كلما كان الإثم أعظم لأن الفتنة بها أكبر.
ولا يجوز النظر إلى صور النساء سواء كان النظر مباشرة أو عن طريق الصور ،
وقد يكون النظر إلى الصور أكثر فتنة ، لأنها غالبا تحسن والتي تصور تتزين قبل التصوير ،
ولا يجوز نشر تلك الصور ومَن نشرها فعليه الإثم مرتين ، إثم نشرها وإثم النظر إليها.
ويتحمّل إثم كل من نظر إليها.
وفي هذا تنبيه إلى للجميع أن آثامهم بِقدر عدد الناظرين إليها ،
ولعلك تتخيل كم ينظر إلى تلك الصور في مشارق الأرض وفي مغاربها ،
وصاحب الصفحة يأخذ تلك السيئات بل لعلها تجري عليه وهو في قبره إذا مات ولم يتب من نشرها.
قال تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
وقال تعالى : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ )
قال سبحانه : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ)
وقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ومن سن في الإِسلَام سنة سيئة فعَليه وزرها ،
ووزر من عمل بِها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئا.
وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن وجهها عورة يجب عليها ستره عن الرجال الأجانب وهو المفتى به عندنا ،
وكون الحساب خاصا بالنساء والأقارب هذا لا يبرر وضع صورك فيه إذ لا يؤمن من اطلاع الرجال عليه ،
إقرأ أيضا: إعتزال الفتن
والرجال الأقارب من غير المحارم كغيرهم من الرجال غير الأقارب.
ومن المهم أن تعلمي أيتها الأخت السائلة وأنت في مقتبل العمر ،
أن المرأة مطالبة شرعا بالستر ، فعودي نفسك المحافظة عليه ولا تفتحي لها بابا قد يجرك إلى التساهل مستقبلا.
محرم وذلك لأمور عدة :
أولا : أن ذلك مناف للستر الذي أمرت به المرأة في الكتاب والسنة ،
فإذا كان الله عز وجل قال في حق أشرف النساء وأبعدهن عن الريبة وهن نساؤه صل الله عليه وسلم :
(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)
وقال سبحانه :
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59
ونهى عز وجل المرأة أن تخضع في القول فقال تعالى :
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32.
فشرع سبحانه وتعالى على نسائه صل الله عليه وسلم وعلى نساء المؤمنين عامة الحجاب تطهيرا لقلوب المؤمنات ،
ورفعة لهن عن مواطن الفتنة والتهمة ، وتحصينا لفروجهن وفروج عباده المؤمنين.
فإذا عُلم ذلك اتضح أن وضع المرأة صورتها يراها البر والفاجر في مثل هذه المواقع مما ينافي ويعارض شرعه سبحانه وتعالى.
ثانيا : أن ذلك باب فتنة وشر للمرأة ولمن يشاهدها فكم سمعنا وقرأنا عن قصص مؤلمة بسبب ذلك ،
فكم من طاهرة عفيفة وقعت في حبائل من لا يخافون الله من الفجرة الذين يغرونها بلفظ منمق ،
وكلام معسول ووعود تطول ، حتى إذا قضوا منها حاجتهم قلبوا لها ظهر المجن فلم يبق لها من ذلك إلا الخيبة والحسرة ،
إقرأ أيضا: لكل أب وأم
والخسران وربما فضيحة الدارين والعياذ بالله.
وكم من فاجر تلاعب بتلك الصور ودبلجها بوسائل حديثة فإذا وجه الشريفة يوضع على جسد فاجرة ،
وبائعة هوى رخيصة فحينئذ تعض أصابع الندم بما جنت على نفسها وأهلها ولات ساعة مندم.
ثالثا : ما ذكرت من أن بعض الأخوات المحجباب تعتقد أن وضع صور لهن بالحجاب غير ممنوع شرعا ،
إن كان مرادك بالحجاب ، الحجاب الشرعي الساتر للوجه الذي لا يبدو معه وجه المرأة ،
فمثل هذا غير ممنوع شرعا خاصة عند الحاجة إليه لكن هذا قطعا ،
غير مراد لأنه غير نافع لصاحبه فما قيمة وضع صورة لسواد لا يبدو منه شيء؟!
وأما إن كان المراد بذلك وضع صورة المرأة وقد كشفت وجهها ولو سترت بدنها كله ،
فقد بينا لك ما فيه من المفاسد التي تكفي للمنع منه حتى ولو لم نقل بوجوب ستر المرأة لوجهها فكيف إذا كان ذلك واجبا؟!
إن الإثم هنا يكون مضاعفا والخطر أشد وهي بهذا تخرق ما اعتاده نساء المؤمنات في عصورهن.
قال الغزالي رحمه الله في كتاب إحياء علوم الدين :
لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات. انتهى
ونحوه في كتاب فتح الباري.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري ( 9/ 424) :
” ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب ” انتهى.
ثم إن كل ذي لب يعلم أن مجمع الحسن والفتنة في المرأة هو وجهها وهو الذي يستشرف الرجال لمعرفته ،
وبه يقاس جمال المرأة من عدمه فنشر الصورة على الوجه المذكور فتح لباب فتنتها ،
والفتنة بها وابتذالها وابتذال صورتها حين تكون مباحة لكل طالب وراغب.
وأما وضع النساء صورهم بحجة أن الناس في الأصل تراها في الشارع ،
فما المانع من أن يراني الناس سواء رجال أو نساء على مواقع التواصل؟
إقرأ أيضا: الإحسان إلى الزوجة
إذا كانت مكشوفة الوجه فإنها تثبت صورتها لينظر لها البر والفاجر وهذا بعكس الخروج في الشارع ،
الذي هو أمر عارض لا يستغرق اليوم كله وقد حثت الشريعة على أن يكون هذا الخروج نفسه للحاجة.
فعدم نشر الصورة من صيانة المرأة لنفسها ومن مقتضيات غيرتها على نفسها ، وهذا المعنى تغفل عنه النساء :
أن تغار المرأة على نفسها أن ينظر لمحاسنها رجل غير زوجها وإذا كانت الشريعة فيما نرى أباحت لها كشف الوجه ،
فإنها أيضا حريصة على ألا تخرج المرأة إلا لحاجة وعلى ألا تختلط بالرجال ونحو ذلك ،
مما تذكره الشريعة تقصد به إلى صيانة المرأة وحفظ كرامتها.
والله تعالى أعلم.