وفي أنفسكم أفلا تبصرون
وفي أنفسكم أفلا تبصرون
تقول إحدى الطبيبات وهي أستاذة علم الأعصاب إذا أصيب شخص في رأسه إصابة عنيفة في حادث حركة مثلا ،
سيفقد ذاكرته قطعا ، لكن إذا تحدثت معه ستكتشف أنه يتمتع بكامل قواه العقلية ، لكن لا تسأله عن الماضي لأنه بدون ذاكرة.
إذا الذاكرة شيء والعقل شيء آخر.
فإذا كانت الذاكرة في الرأس ( المخ ) أين العقل؟
القلب والعقل والدماغ
( القلب ليس مضخة دم فقط كما اكتشف الأطباء سابقا )
السبق القرآني في علم القلب يتحدث العلماء اليوم جدّيا عن دماغ موجود في القلب يتألف من 40000 خلية عصبية ،
أي أن ما نسميه العقل موجود في مركز القلب.
وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه ، ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل به.
قال تعالى : {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
وقال تعالى : {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأنعام: 179].
أي أن القرآن حدد لنا مركز الإدراك لدى الإنسان وهو القلب ، وهو ما يكتشفه العلماء اليوم.
وقال تعالى : {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74].
فقد حدّد لنا القرآن صفة من صفات القلب وهي القسوة واللين ، ولذلك قال عن الكافرين :
{فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر: 22].
ثم قال في المقابل عن المؤمنين : {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر : 23].
إقرأ أيضا: إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء
كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعا للمعلومات والأحداث ، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب.
والله تعالى أكد لنا أن كل شيء موجود في القلب ، وأن الله يختبر ما في قلوبنا ،
يقول تعالى : وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران: 154].
الخلل الكبير في نظام عمل القلب يؤدي إلى فقدان السمع ، قال تعالى : {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: 100].
للقلب دور مهم في العلم والتعلم لأن القلب يؤثر على خلايا الدماغ ويوجهها ،
ولذلك فإن القرآن قد ربط بين القلب والعلم ،
قال تعالى : {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93].
مركز الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى ومقدمة الدماغ ، أما المعلومات التي يختزنها القلب فهي معلومات حقيقية صادقة.
وهكذا فإن الإنسان عندما يكذب بلسانه ، فإنه يقول عكس ما يختزنه قلبه من معلومات ،
ولذلك قال تعالى : {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: 11].
فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية في الدماغ ، ولذلك وصف الله هذه الناصية بأنها : {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 16].
الإيمان يكون بالقلب وليس بالدماغ ، وهكذا يؤكد بعض الباحثين على أهمية القلب في الإيمان والعقيدة.
ولذلك قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41].
صاحب القلب الصناعي لا يخاف أو يتأثر أو يهتم بشيء من أمور المستقبل ، وهذا ما سبق به القرآن عندما أكد على أن القلوب تخاف وتوجل :
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].
إقرأ أيضا: الخلع في الشريعة والقانون
وكذلك جعل الله مكان الخوف والرعب هو القلب ، فقال سبحانه وتعالى : {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الحشر: 2]
وهذا ما نراه اليوم وبخاصة في عمليات القلب الصناعي ، حيث نرى بأن جميع أنظمة الجسم تضطرب.
أفضل علاج للقلب : يؤكد جميع العلماء على أن السبب الأول للوفاة هو اضطراب نظم عمل القلب ،
وإن أفضل طريقة للعلاج هو العمل على استقرار هذه القلوب ،
وقد ثبُت أن بعض الترددات الصوتية تؤثر في عمل القلب وتساعد على إستقراره.
(وهل هناك أفضل من صوت القرآن؟)
ولذلك قال تعالى : {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان ،
وندعو بدعاء المؤمنين :
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) [آل عمران: 8].
كلمة العقل لم تذكر في القرآن ولا حتى مرة واحدة ، الذي يفقه ويعقل هو القلب.
قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم :
[ إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.]