ولكنها ساذجة
ومن قال أنها ساذجة؟!
أفعالها تبرهِن على ذلك ؛ تحب الناس جميعا ، وتصدقهم سريعا ، وتبوح لهم بأسرارِ حياتها من أول لقاء.
تعطي بلا مقابل ، وتغفر لمن خذلها بلا حساب ، وتعفو عمن أوجعها ،
ولا يطاوعها قلبها البتة أن تدعو على من ظلمها ، أليس ذلك بسذاجة وغباء؟!
يا سيدي مهلا ، إن التي يهبها ربها صفات مثل هذه ؛
وجب على البشر أن لا يحسبونها منهم ؛ فتاة كهذه لعلها نزلت من السماء عن طريق الخطأ.
يا سيدي ، إن لله عبادا طيبين خلق لهم طيبات يأنسوا بهن ، ويسكنوا إليهن ،
مبرؤون من التلون والزيف والخداع.
فتِلكَ التي نسبت إليها الغباء لم ولن تكون أبدًا ساذجة ، بل قل بملء الفم بكل يقين وثقة وعلى مسمع ومرأى من العالم :
أنها طيبة ، نعم ، طيبة تُسامِح في حقها ، وتتنازل في الخير عن نصيبها ، وتهمل مِن أجل الآخرينَ نفسها ،
وتتغاضى عن الزلات من أجل الود والمعروف.
ليست ساذجة أبدا ، بل هي تعي تماما ما تفعله ؛
ففطرتها البريئة وعفويتها المطلقة تجبر الطفل الساكن داخلها على العطاء دون مقابل ، والبذل بكل ما أوتيت مِن حب ،
دون إنتظارٍ لشكرٍ أو ثناء ، فلذتها تكمن في ذلك.
إقرأ أيضا: ملك كان متزوج 4 زوجات كان يحب الرابعة حبا جنونيا
يا سيدي ، فتاة مثلها تفرح لغيرها كأنها هي ، وتألم لمصاب غيرها وكأنه أصابها هي ،
وتتمنى الخير لغيرها وإن حُرمَت منه هي ؛ وبرغم ذلك تأذت قدر ما تأذت ولا زالت تحمل قلبا طاهرا لا غل فيه ولا حقد على أحد ،
فكيف تتهم بالسذاجة هكذا؟!
إن طيبتها يا سيدي ليست عيبا يذم ، بل ميزة تمدح ، ولا ذنبا لا توبة لها منه ،
بل فضيلة تحسب لها لا عليها ، ونعمة تستوجب الشكر ، وفضلا يستحق الثناء.
يا سيدي ، كونها باقية على طهرها في زمن كثر فيه الخبث ؛ كونها طيبة بالفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
كونها نقية سيدي إلى الآن رغم ما ذاقته من فقدانٍ وخذلان وألم وما زالت تعطي ؛ كونها ستحيا طيبة كما خُلِقت ،
وتُقبَض طيبة على ما عاشت عليه ، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده.
يا سيدي ، تاللَّهِ ليست بساذجة ، ولكنها طيبة للحد الذي جعلها لم تصادف الطيبين بعد!