وهل يلد الأسد إلا أسدا مثله
وهل يلد الأسد إلا أسدا مثله
سليمان بن خالد بن الوليد المخزومي القرشي ، هو الإبن الأكبر لخالد بن الوليد ، وبه كان يكنى ، وكان فارسا مقداماً من شجعان العرب.
استشهد الصحابي سليمان بن خالد بن الوليد في فتح مصر سنة 21هـ ، وذلك في قرية إسمها قرية وردان بمحافظة الجيزة ،
حيث رفض الهروب من وجه كتيبة رومانية كاملة وقاتلها وحده.
قاتلهم قتالا شديدا حتى قطعت يده اليمنى ، فتناول السيف بيده اليسرى وصار يضرب بها حتى قطعت الأخرى ،
ثم طعنوه في صدره وسقط قتيلاً ، وقد بكاه عمار بن ياسر رضي الله عنه وأنشد فيه :
يا عين أذري الدمع منك الصبيب ثم اندبي يا عين فقد الحبيب
وانعي لمقتولٍ غدا في الفلا مجندلاً وسط الفيافي غريب
وابكي سليمانَ ولا تغفلي فأمره واللَه أمرٌ عجيب
قد كان لا يفكرُ كل العدى إن سلَّ من غمدٍ السيفَ قضيب
وتحذرُ الأعداءُ من بأسهِ لو أنهم أعدادُ رملِ الكثيب
فيا حمامَ الأيك نُوحي إذاً على فتىً قد كان غُصناً رطيب
وأعلمي بما جرى خالداً لعلهُ يبكي بدمعٍ صبيب
ولمَا وصل الخبر إلى خالد بن الوليد بالشام ، هطلت مدامعه على وجنتيه أحَرَّ من الجمر ، ثم جعل يسترجع ويقول في رثاء إبنه سليمان :
إقرأ أيضا: كان يقبع في محبسه والأغلال في قدمه
جَرَى مدمعي فوق الْمَحَاجِرِ وانْهَمَلْ وحَرُّ الغَضَا قدْ زَادَ في القَلْبِ واشْتعَلْ
وهَدَّ فُؤَادِي يَوْمَ أُخْبِرْتُ نَعْيَهُ وضَاقَتْ بِيَ الدُّنيا ودَمْعِيَ قد هَطَلْ
وزَادَتْ بِيَ الأحْزَانُ والْهَمُّ ضَرَّنِي وعَنْ قَلبِيَ الْمَحْزُونِ بِاللهِ لا تَسَلْ
سَأَبْكِي عَلَيْهِ كُلَّمَا أَظْلَمَ الدُّجَى وما ابْتَسَمَ الصُّبحُ الْمُنِيرُ وما اسْتَهَلْ
لقَدْ كانَ بَدْرًا زَائِدَ الْحُسْنِ طَـالِعًا فأَصْبَحَ بَعْدَ النُّورِ والزَّهْوِ قدْ أفَلْ
وكانَ كَرِيمَ العَمِّ والْخَـالِ سَـيِّدًا إذَا قَامَ سوقُ الْحَرْبِ لَمْ يَعْرِفِ الْوَجَلْ
أحَاطَتْ بِهِ خَيْلُ اللِّئَامِ بِأَسْـرِهِمْ وقَدْ مَكَّنوا مِنْهُ الْمُهَنَّدَ والأسَلْ
فَوَا أسَفَا لَوْ أنَّني كُنتُ حَاضِرًا بِأبْيَضَ مَاضٍ لِلْجَنَاحَيْنِ مُنتَصِلْ
تَرَكْتُهُمُ وَسْطَ الْمَعَامِعِ جِيـفَةً عَلَيْهَا تُسَاقُ الطَّيْرُ في السَّهلِ والْجَبَلْ
وحَقِّ الَّذِي حَجَّتْ قُرَيْشٌ لِبَيْتِهِ وأرْسلَ طَهَ الْمُصْطَفَى غَايةَ الأمَلْ
لأقْتُلَ مِنْهُمْ في الوَغَى ألفَ سَيِّدٍ إذَا سَلمَ الرَّحمنُ واتَّسَع الأجَلْ
والذي لا يعرفه أغلبنا أن سليمان شهد واخوته مع أبيهم فتوحات العراق والشام ومصر.
خالد وأولاد خالد منهم الشهيد ومنهم البطل الذي لم يكن في جسده موضع ليس فيه إصابة قاتلة ،
خالد الذي جعل نفسه وأدرعه وماله وولده في سبيل الله.
المصدر : كتاب أسد الغابة ج 3.