وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضربوهن
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ واضربوهن
يقول الشيخ ابن باز في تفسير الآية : والحاصل من هذا كما يأتي أن الرجل إذا رأى من زوجته أمارات النُّشوز ،
يعظها ويذكرها ويحاسب نفسه هو ؛ لأنَّه قد يكون نشوزها بأسبابه ؛ بأسباب سوء سيرته ، وأسباب خلقه السيء ،
فليُحاسِب نفسَه أولًا وينظر ، فإذا كان قد قام بحقِّها فحينئذٍ وجب عليها حقه ، لكن بعض الأزواج سيء الخلق ،
سيء السيرة ، يسهر في الليل ويخليها لحالها وحدها في الليل ، وإذا جاءها فهو تعبان أو سكران ،
وبعض الأحيان يكون كلامُه معها سيئا ، وقيامه بحقها قليل ، هذه معذورة ؛ لأنه قصر في حقها ،
فالواجب عليه أن يقوم بحقها هو ، فلا تُسمَّى حينئذ : ناشزا ، هو النَّاشز ، هو الظالم.
أما إذا قام بحقها وأدَّى حقَّها ، ولكن هي أبت ؛ هذا هو النُّشوز ، هي التي تستحقّ حينئذٍ أن يعظها ويهجرها ويضربها على حسب الحال ،
لكن في هذا الوقت لا نحصي ولا نعد من تشكو زوجها من جهة الظلم وعدم المبالاة بحقِّها ؛
يسهر مع جماعته -فسقة وغير فسقة- فإذا جاء آخر الليل قد هلك ، ميتًا ،
وإذا خاطبها خاطبها بالسَّبِّ واللَّعن والضَّرب ، فأيُّ زوجٍ هذا؟!
وقيامه بما يلزم من النَّفقة كذلك ، قد تمر عليه الأيام والليالي والشّهور لا يعرف بيتا ، ولا يُبالي ببيته ،
بعض الناس جدير بالضَّرب هو والعقوبة الشَّديدة ،
فإذا أدَّى حقَّها واستقام في حقها فله الحقُّ عليها في أن يهجرها ويعظها ويضربها ؛ لأنَّها هي المقصورة.
لكن إذا قصرت في حقِّها ولم ينفع الوعظُ ، ولم ينفع الهجرزجاز الضَّرب ، وإن اختلعت فلا بأس -طلبت الخلع- خلعها ؛
ولهذا لما اشتدَّت البغضاءُ بين جميلة بنت عبد الله بن أُبي وبين ثابت بن قيس قالت :
يا رسول الله ، ما أُطيقه ، ولا أعتب عليه من خلقٍ ولا دينٍ.
إقرأ أيضا: إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا
ثم قال ، رحمه الله : وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ الله ابن أبي ذباب قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم : لا تضربوا إماء الله ، فجاء عمر إلى رسول الله فقال : ذئرت النِّساءُ على أزواجهنَّ.
فرخَّص رسولُ الله في ضَرْبِهِنَّ ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
لَقَدْ أَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.