يا جميلتي الشهية
منذ أن تزوجتها وهي على هذه الحال ، زوجتي تكاد تصيبني بالجنون من شقاوتها ،
والهذيان منها آحيانًا ، لطالما اخبرتها أنها جميلة جدًا ولا تحتاج لخلطات أو وماسكات للوجه ،
فهي حقًا آية بالجمال ، ولكنها تحب الاعتناء ببشرتها وفوق العادة أكثر مما تعتني بي وبمعدتي ،
وعندما نذهب للتسوق ، افتقدها فأجدها هناك بركن ادوات التجميل!
لم تكف عن هذه العادة التى تستنزف صبري ومحفظتي ، وتسرقها مني بالمنزل وتقضي وقتها ،
وهي تبحث عن خلطات جديدة وتطبقها على الانترنت ، وهي تضع القهوة على وجهها في الصباح بالبداية!
ثم ماسك الخيار واللبن في الظهيرة ،
ثم ماسك النشاء مع الخميرة بالمساء ،
وفي الليل ماسك العسل مع الليمون!
وكأنها تعد الذ الاطباق على وجهها الابيض الشهي كالعسل مع الفريز.
كيف اقنعها وقد انتهت مني كل الحيل والحلول لمنعها ؛ وأنها جميلة بدون أن تضع لي كل تلك المكونات ،
وأنني أحب تلك البثور الحمراء التى تظهر على معالم وجهها احيانًا ، وتزيدها جمالًا بنظري ،
كحبات الرمان متناثرة فوق صحن من الكريما ،
لكنها تبقى مصرة أنها تعتني ببشرتها لتبدو بعيني أجمل ، وتحافظ على جمالها الجميل
لطالما كانت تخيفني في الظلام ، وهي تضعه على وجهها ونلتقي بالبيت صدفة آخر الليل بمكان مظلم
أو وهي تختبىء خلف الباب ؛ وأنا للتو عائد من عملي فيفزعني منظرها المضحك عند أول نظرة؛
واقترب من وجهها لاشم ما نوع ما تضعه زوجتي اليوم
فتبعدني بأنفها وتمردغ أنفي ووجهي ؛ ويطالنا شيء من ذلك القناع العجيب
وبالاخص عندما اكون نائمًا ؛ واطلب منها أن توقظني بوقت محدد ، فا افتح عينيّ على وجهها المطلي بالقهوة ، أو غيره
وهي تمحلقُ بي عن قرب فوق رأسي وهي تتعمد ذلك ؛ وتهزني هيا استيقظ تأخرت!
فأفز من مكاني وكأني آرى شبحًا ما، وبالاخص لو كانت تفرد شعرها عندها ،
وكأنني مازلت أرى الحلم المزعج أنني لا استطيع الحراك و تهجم علي الساحرة الشريرة ،
والأفضع لو ادركها النوم وهي بجانبي غافية وتضعه على بشرتها ، وهنا ينقبض قلبي خوفًا عندما افتح عيني صدفة
إقرأ أيضا: ﺗﺰﻭّﺟﺖ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺗﺎﺟﺮ ﻏﻨﻲّ
وينقلب بعدها المشهد إلى ضحك هستيري بيننا ، وانقض عليها كالأسد الغاضب ، وامسكها من خصرها وادغدغ خاصرتها وقدميها وهي تحاول الهرب مني ،
واقول لها : الن تكفي عن هذه العادة
يا جميلتي الشهية!
أما عن الليلة التى تسبق العيد ، فأصبحت الاكثر حذرًا من هذه التصرفات الجنونية منها بهذه الأيام!
لأنها تفعل ذلك من سبق الاصرار والتحضير ، فتضع خلطاتها بداخل الثلاجة ،
وعندما أقف كطفل جائع فز من نومه في منتصف الليل أمام الثلاجة ، بعد نوم طويل ،
قبل أن تلمحه أمه لأتناول بشغف كل ما أراه أمامي ، فاقع في فخ رغبتي بتذوق تلك الاطباق التى تبدو الشهية
التى اكتشف لاحقًا عندما تصبح بمعدتي ، وتأتي زوجتي وتمسكني بالجرم المشهود ، فتأخذ بالصراخ علي :
لاااااااااا هذه خلطة البيض مع زبدة الشيا لوجهي اتركها
وتضربني على صدري بلطف ، وتأخذ الصحن مني بالقوة ، ويبدو عليها الغضب والإنزعاج
ثم ننفجر بالضحك على ماحدث ، عندما تراني وأنا اشعر بمرارة ما داخل فمي.
مرت أيام مرضت زوجتي ولزمت فراشها لأيام قليلة ، وبدت لي شاحبة وحزينة واختفت ضحكتها بالبيت ؛
التي كانت مصدر طاقتي الايجابية وسعادتي، شعرت إنني افتقد شيئًا ما
حقًا وربما للضحك معها كثيرًا ،الذي كان يخفف عنا عناء الحياة ومتاعبها خارج المنزل ،
وعلى منظرها وخلطات تجميلها وحركاتها التى افتقدها،
ومواقفنا تلك بحلوها ومرها ،
كان كل شيء باهت من حولي ، اكتشفت مؤخرًا أن ما كانت تفعله زوجتي حقًا؛ سعادة لها ولي دون أن أعلم ،
وبكل عفوية ،
حملت العسل وذهبت اليها وهي نائمة في الصباح ،
إقرأ أيضا: في سوق الحرير بدمشق يروي أحد الشيوخ
ورحت اضع لها العسل على وجهها برفق ، وهي غارقة بالنوم
وأتأملها بتأني ،
وعندما فتحت عينها ، لم تشعر به من الأساس على بشرتها، فهي معتادة على وضعه اساسًا ، وأحيانا تنام وهي تنتظر ،
كنت أريد أن ارى ضحكتها بأي وسيلة وردت فعلها ، بعدما فشلت بذلك طيلة فترة مرضها لشدة وجعها.
كنتُ مازلت اجلس بجانبها ، وبدت لي أنها افضل قليلًا من ليلة أمس
وبدأت بالتعافي وهي تغرقني داخل عينها الخضراوتين ، وكأنني بحقل أخضر والكثير من عسل النحل به ،
القت علي تحية الصباح وابتسامة مرهقة ، ونزلت من السرير!
وعندما وصلت مقابل المرآة صرخت ، فقد ارتعبت من نفسها
وراحت تتلمس وجهها وتتذوق العسل ؛ وانفجرت بالضحك وأنا كذلك ،
نعم هذه هي الضحكة العفوية ؛ التي كنا نضحكها من قلوبنا ،
مشيت من خلفها واحتضنتها من خصرها ، وهي واقفة أمام المرآة تتأمل مافعلته بوجهها ،
وراحت تمردغ لحيتي بالعسل،
فقالت وهي تنظر الي عبر المرآة : مسكين وكأن العدوى وصلتك ، وصل البل لذقنك ياعزيزي ،
شكرا لكَ يا حبيبي ،..
ولكن الآن الصباح وهو موعد ماسك القهوة وليس العسل
لم اتمالك نفسي …ماذا ؟
فقلت لها : نسيت أن وجهك يريد قهوة الصباح ياحلوتي الآن كمعدتي
ومن يومها اخبرتها أن تحسب حسابي ؛ بطبق شهي اضعه على وجهي معها ، لإنها انتهت حلول الأرض معها والأمر متروك لي ،
وعلي أن اكسر على انفي بيضة ، واقبل بالأمر أو اعيش باقي عمري معها تعيسا
فقالت : وأخيرًا أصبحت شريكي بتلك التفاصيل الشهية
آيهل الرجل : فإن لم تستطيع اقناعها الكف عن الجنون ، فشاركها الجنون ما استطعت ،
وشارك زوجتكَ اهتماماتها العجيبة تلك ؛ وكن مجنونًا لأجل أن ترى ضحكتها ،
ولو كلفك أن تضع العسل والبيض على وجهك لأجلها كما تفعل هي لإجلك ،
وتأكد أن السعادة تكمن في ذلك الجنون معها ، ولن تكلفك الكثير سوى الكثير من الصبر.