يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الثاني
يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الثاني
لم يمر على فقدانه للوعي أكثر من دقيقة ، قام بعدها بفتح عينيه ، نظر للمرآة لم يكن هناك شيء غير طبيعي ،
أدار عينيه بإتجاه الباب وجده مفتوحا ، هب واقفا ، ركض بسرعة للخروج من المرحاض.
جلس على الأريكة المتواجدة بالصالة ، بينما جسده يتصبب عرقا ، وقدماه لا تكف عن الإهتزاز من الخوف الذي يسيطر عليه.
أخذ يحدث نفسه هل ما حدث كان حقيقة ، أم أنه فقد وعيه بداخل المرحاض وما حدث مجرد هلوسات لا أكثر؟
كاد أن يصاب بالجنون ، بعد مضي وقت قصير أيقن أن ما حدث كان حقيقة لا شك في ذلك ،
خاطب نفسه بضرورة الخروج من تلك الشقة على الفور.
توجه لحجرة النوم ، حمل حقيبته مسرعا نحو باب الشقة ، مد يده للمقبض محاولا فتحه لكنه لم يستجب ، قام بوضع الحقيبة أرضا ،
أمسك المقبض بكلتا يديه محاولا فتحه بكل قوته ، بائت محاولاته المتعددة بالفشل.
بدأ الرعب يسيطر على كل حواسه ، شعر وكأنه مسجون بداخل الشقة.
تذكر أمر الشرفة ، سوف يقوم بفتحها طالبا النجدة من المارة ، ركض نحوها مسرعا ،
حاول فتحها مرارا لكنها هي الأخرى أبت أن تسجيب لرغبته.
بدأ يشعر بأن نهايته وشيكه ، فهكذا تسير الأمور دائما ، سيتم نشر خبر في صفحة الحوادث يتحدث عن مقتل شاب جامعي بداخل أحد الشقق في ظروف غامضة وسوف تقيد الحادثة ضد مجهول.
تذكر أمر المذياع شعر أنه سبيله الوحيد للنجاة ، ركض مسرعا نحو الغرفة ،
توجه للمنضدة الصغيرة الموضوعة بجوار فراشه والتي كان يعلوها المذياع فلم يجده.
نهض واقفا وهو يشعر أن كل سبل النجاة قد أغلقت أمامه ،
جلس على الفراش بعدما أنهكت قواه بفعل الضغط العصبي الذى تعرض له ،
محاولا التفكير في الخروج من ذلك المكان بأي طريقة ممكنة.
إقرأ أيضا: بنت الزبال؟!
أغرق العرق المتساقط من جبينه عينيه ، مد يديه لمسحهما ، وما أن أعاد فتحهما مرة أخرى ،
حتى رأى عبارة مكتوبة على أرضية الغرفة وكأنها قد تم نحتها.
(النجاة بداخل المرآة)
أجفل ورفع قدميه واضعا إياهم على الفراش بينما ظلت عيناه تدقق النظر في العبارة المكتوبة على الأرض ،
والتي أخذت تنتشر لتملأ أرضية الغرفة بالكامل ، هب واقفا فوق الفراش.
ما أن فعل حتى سمع طفل صغير يصرخ بصوت عالي ، زادت ضربات قلبه بقوة لدرجة شعوره بأنه موشك على التوقف.
كان ذلك نفس الصوت الذي سمعه من قبل صادرا من المطبخ.
بدأت جدران الغرفة يكتب عليها نفس العبارة ( النجاة بداخل المرآة ).
لم يجد مفر من التوجه للمرحاض ، فالرسالة واضحة ، هناك أمر ما متعلق بالمرآة.
دار بعقله الكثير من التساؤلات ، ترى لما لم يتخلص منه شبح تلك المرأة التي رأى صورتها في المرآة وينتهي الأمر سريعا؟
ما الداعي لكل ما يحدث إذا كانت النهاية معروفة مسبقا ؟
أم أنها تلهو معه قبل الفتك به ، كقط أمسك بفأر ويتلذذ بتعذيبه قبل القضاء عليه.
خاطب نفسه بإنه هالك لا محالة ، إذن ليتوجه للمرحاض وليكن ما يكون.
إستجمع شجاعته ، هبط من فوق الفراش ، بينما صوت الطفل الذى مازال يصرخ يصم أذنيه.
تحرك بخطوات متراخية باتجاه المرحاض ، ما أن وصل أمام الباب ،
حتى تردد في الدخول خوفا من أن يغلق عليه الباب مرة أخرى وتكون تلك نهايته.
لم يتوقف صراخ الطفل مما وضع ضغطا كبيرا على أعصابه ، بعد دقيقة من التردد دلف للداخل متوقعا أن يغلق الباب خلفه ،
ولم يحدث ما توقعه ، ظل الباب مفتوحا ، وقف أمام المرآة ينظر إليها متوقعا ظهور المرأة التي رأها من قبل.
لم يرى ما كان يتوقع ، خطرت على ذهنه فكرة لما لا يقوم بكسرها فربما ينتهي ذلك الكابوس.
خرج مسرعا ، بحثا عن شيء يمكنه كسر المرآة ، بينما صراخ الطفل مازال عاليا لم يتوقف.
إقرأ أيضا: الضرائر
بعد قليل عاد للمرحاض حاملا مطرقة متوسطة الحجم ، تقدم بحذر نحو المرآة ، رفع يده عاليا ، هوى عليها بضربة قوية ،
كفيلة بتهشيمها ، لم يحدث شيء ، ظلت كما هي.
عاد يكرر المحاولة مرة أخرى ، ما أن لامست المطرقة سطح المرآة حتى غاصت بداخلها ،
شعر وكأن هناك من يحاول جذبها منه بقوة ، تفاجأ مما حدث ، ترك المطرقة وهو يتراجع للخلف بذعر وهو يراها تغوص بداخل المرآة ،
ما أن اختفت المطرقة حتى تبدل سطح المرآة ، وكأنه تحول لشاشة تلفاز.
رأى رجل جالسا على أريكة حمراء اللون ، ذو جسد نحيل ، طويل القامة ، أصلع الرأس ، يبدو عليه أنه في العقد الثالث من العمر.
يرتدي ملابس تدل على مستوى إجتماعي متدني يقوم بتدخين لفافة تبغ بشراهة ،
وقد أمسك بيده اليسرى تفاحة أخذ يقضم منها بنهم شديد.
بينما كان هناك إمرأة ممتلئة الجسد قصيرة القامة ،
تتمايل يمينا ويسارا ترقص على أحد أغاني (عدوية) ، وقد بدت السعادة على وجهها.
فجأة توقفت عن الرقص وركضت مسرعة باتجاة المذياع لتغلقه ،
بينما نهض الرجل وهو يطفئ لفافة التبغ في المنفضدة الموضوعة أمامه ، وقد سرت حالة من التوتر بينهما.
سمعا طرقات على باب الشقة ، هرعت المرأة لتنظر من العين السحرية لتتبين من بالخارج ،
عادت تركض باتجاه الرجل على أطراف أصابعها وهي تهمس له قائلة :
لقد عادت.
رد عليها بصوت منخفض قائلا : ألم تخبريني أنها سوف تعود في الغد ،
اذهب للإختباء في حجرتي حتى أدبر الأمر.
قالتها المرأة وهي تدفعه باتجاه الحجرة ، ما أن اطمأنت لدخوله ، حتى توجهت نحو الباب الذي زاد عليه صوت الطرقات.
إقرأ أيضا: يحدث ليلا في شقة الطلبة الجزء الثالث
تثائبت متظاهرة بالنوم ، وهي تقوم بفتح الباب ، ما أن فعلت حتى واجهت عاصفة من الصراخ من المرأة التي كانت تحمل طفل صغير على يديها لا يتجاوز عمره العام ونصف ،
وهي تسألها عن سبب إغلاقها للباب ، وتأخرها في فتحه.
أخبرتها بأنها كانت نائمة ولم تستمع لرنين الجرس أو طرقاتها.
دلفت السيدة للداخل ، والتي يدل مظهرها على الثراء من ملابسها التي ترتديها والحلي الذي يزين معصمها ،
خاطبتها بأن تجلب حقيبتها من الخارج.
فعلت ما أمرتها به ، ما أن خطت بضع خطوات للداخل حتى استدارت مستسفرة من الخادمة عن سبب دخان التبغ الذى يملأ المكان ،
بدى التوتر على وجه تلك الأخيرة ولم تستطع الإجابة.
وضعت السيدة صغيرها على الأريكة القريبة منها واستدارت تخاطب خادمتها قائلة :
هل يوجد أحد معك هنا ؟
لا يا مدام.
لم تنتظر السيدة اجابتها وإنما تحركت بسرعة متجهه نحو غرفة الخادمة ، قامت بفتحها بعنف وهي تنظر في أرجائها ،
فتحت خزانة الثياب لتتأكد أنه لا يوجد أحد بداخلها ، أغلقتها بعصبية ، وهي تستدير خارجه.
رأت حذاء رجالي يطل من أسفل الفراش ، انحنت تنظر لتتأكد من شكوكها ، وجدته في مواجهتها ،
ما أن همت بالصراخ ، حتى وضعت الخادمة يدها على فهمها لمنعها من أن تفعل ، بينما نهض الرجل بخفة محاولا الفرار.
أبعدت السيدة يد الخادمة عنها وهي تصرخ بصوت عالي طالبة النجدة ،
وهي تتبع الرجل الذي كان قد اقترب من باب الشقة محاولا الهروب ،
بينما كانت الخادمة مستمرة في محاولاتها من منع السيدة من الصراخ.
زاد صراخ تلك الأخيرة وبدى واضحا أن أمرهما سوف يفتضح لا محالة ،
عاد الرجل أدراجه متوجها نحو الصغير الذي أخذ يصرخ بشدة.
أمسك به وهو يخرج سكينا كان يحتفظ به بداخل ملابسه ، قام بوضعه على عنق الصغير وهو يخاطب والدته قائلا :
توقفي عن الصراخ وإلا قتلته.
يتبع ..