يحكى أن إمراة تزوجت بعد وفاة زوجها وكان لديها طفل من زوجها السابق : وكان يبلغ من العمر ثلاثة أعوام.
إنتقلت المرأة إلى منزل زوجها مع إبنها بعد زواجها من الرجل الثاني ، وكان غنياً جدا ،
فلم يعترض الزوج على بقاء الطفل في منزله مع أمه.
وبعد مرور عام ، أنجبت المرأة طفلاً وشعر الزوج بالسعادة ، ولكن بدأت مشاعر الزوج تتغير باتجاه إبنها اليتيم.
حيث توقف عن اللعب معه ولم يعد يهتم به مثل السابق ، وأصبح لا يطيق وجوده في منزله الواسع.
وفي أحد المرات عاد الرجل من العمل ومعه دراجة هوائية لإبنه ،
وكانت الأم تتألم بشدة وهي ترى إبنها اليتيم يشاهد أخاه بحزن وهو يلعب ويتجول في المنزل فوق دراجته الجديدة.
تحدثت الأم مع زوجها وطلبت منه أن يجلب دراجة أخرى لابنها اليتيم مثل أخاه ،
ولكن رفض وأخبرها بأنه ليس مسؤول عليه ، وإذا لم تتوقف عن الحديث عن إبنها سوف يقوم بطرده من المنزل.
شعرت بالخوف على ٳبنها وتقبلت بالأمر خوفاً على فقدانه.
قبلت الأم أن ترى إبنها يعيش حياة مريرة وظلم وحزن وقهر وألم ، أفضل من أن لا تراه نهائيا.
مضت الأيام وكبر الأولاد ، وقام الزوج بتسجيل إبنه في أحدث المدارسة الأهلية ،
ورفض بتسجيل ٳبن زوجته وقال : أنا لست والده لكي أهدر أموالي في تعليمه ، وفي النهاية هو لن ينفعني ولن يحمل إسمي.
أجابت الأم بغضب فقالت : نعم ربما لا يكون من لحمك ودمك وليس إبنك ولن يحمل إسمك ،
ولكن هذا لا يعني أن تحرمه من التعليم وتتركه يعيش في ظلام الجهل ، أليس في قلبك ذرة رحمة وشفقة؟
فقال لها : لقد طفح الكيل لم أعد أحتمل وجوده هنا ، ولا أريد رؤيته في منزلي.
اقترب الصبي إلى أمه ، ومسح دموعها ، فنظرت ٳليه ،
فقال لها وهو يبكي : لا تحزني يا أمي لا يوجد شيء يستحق أن تذرفي دمعة من أجله ،
لقد تعبت وأنا أرى ذلك العجوز يقوم بٳهانتك كل يوم من أجلي ، ومن أجل أن تكوني سعيدة سوف أرحل وأترك المنزل.
إقرأ أيضا: أبي أدبني ولكن جدي لم يؤدب أبي
ودع الصبي أمه ، وحمل ملابسة وغادر ، وأصبح قلبها يشعل نارا : ويوجد أسئلة كثيرة لا تعلم أجوبتها ،
إلى أين سيذهب وأين سوف يعيش وأين سوف يأكل وماذا إن مرض من الذي سيداويه؟
سيهتم به ، كل هذه الأسئلة يطرق رأسها ثم رفعت يدها إلى السماء وقالت :
اللهم استودعتك إبني اليتيم فتكفل به واحفظه وأعيده لي سالماً غانما؟
عاد الزوج من العمل ، نظر إلى زوجته وجدها سعيدة مطمئنة ،
تعجب من أمرها كيف تبدو سعيدة ولم يمر على رحيل إبنها بضع ساعات؟
فسألها : لماذا أنتي سعيدة ولستي حزينة على رحيل إبنك؟
ابتسمت ثم قالت : لقد تركت أمر كفالته على من يستطيع رعايته وحمايته ،
وهو الوحيد القادر على فعل كل ذلك دون ملل وكلل ودون أن يطلب مقابل أيضا؟
فقال متعجباً : من هو.
فقالت : الله عز وجل.
فضحك ساخراً فقال : العالم في الخارج لا يرحم مسكيناً ولا يشفق على جائعا ،
يبدو أنك فقدتي عقلك.
وبعد مرور سنوات قليلة عاد إبنها لزيارتها وهو يحمل طفلاً بيده وإمرأة برفقته ، فسلم على أمه.
فقالت وهي في غاية السعادة : من هذه المرأة وابن من هذا الطفل.
أجابها : هذه زوجتي وهذا إبني.
فقالت : كيف استطعت أن تكون حياتك وأنت ليس لديك المال ، ولا مأوى.
فقال لها : بالحقيقة أنا لا أعلم كيف عصفت بي الحياة ، لقد كنت تائهاً وحيداً لا أدري إلى أين أذهب.
ثم توجهت إلى أحد المساجد في قرية صغيرة ونمت ، وكنت أبحث في النهار عن عمل وفي الليل أعود إلى المسجد.
إقرأ أيضا: يقول الرجل في يوم الجمعة خرجت من منزلي
أخبرت ٳمام المسجد بقصتي وثم استأذنت منه أن يسمح لي بأن أبات في المسجد حتى أجد مكاناً ، وافق وكان يطعمني كل يوم ،
وكنت أقوم بتنظيف المسجد.
وفي أحد الأيام مرض الٳمام فتقدمت أنا بالناس ومنذ تلك الليلة وأنا أصلي بالناس ،
وبدأت الناس تتقرب مني وأصبح الجميع يحبونني ويحترمونني.
ثم عرضوا علي بأن أتزوج من فتاة يتيمة ليس لديها سوﻯ جدتها ،
وافقت وتكفل جميعهم بكل شيء.
وتزوجت ، وبعد فترة قصيرة توفت السيدة العجوز ، وحصلت زوجتي على قطعة أرض من ورث جدتها ،
وقمت بزراعتها وتحسنت أوضاعنا والحمد لله. أصبح لدي الكثير من الأراضي الزراعية.
بكت الأم من شدة السعادة وعلمت بأن الله استجاب لدعاءها ،
ولكن لم يكن الزوج مصدقاً أنه سوف يعود بيوم من الأيام شخصاً غنيا ،
سبحان الله الرازق يعطي من يشاء ويحرم من يشاء.