يحكى أن رجلا إسمه المبارك كان عبدا رقيقا لرجل غني إسمه نوح إبن مريم ، فطلب منه سيده أن يذهب ليحرس البساتين التي يملكها فذهب.
وبعد عدة شهور ذهب نوح ليتفقد أحوال البساتين ومعه مجموعة من أصحابه.
فقال للمبارك : إئتني برمان حلو وعنب حلو ، فقطف له رمانات ثم قدمها إليهم ، فإذا هي حامضة وكذلك العنب.
فقال له نوح : يا مبارك ألا تعرف الحلو من الحامض؟
قال: لم تأذن لي ياسيدي أن آكل منه حتى أعرف الحلو من الحامض.
فتعجب الرجل! وقال: أما أكلت شيئا وأنت هنا منذ شهور ؟!
قال المبارك : لا والله ما ذقت شيئا ، ووالله ما راقبتك ولكني راقبت ربي.
فتعجب سيده من تلك العفة ، ومن هذا الورع ، وظن في البداية أنه يخدعه ، فلما سأل الجيران.
قالوا : ما رأيناه يأكل شيئا أبدا ، فتأكد من صدقه وورعه وعفته.
فقال : يا مبارك أريد أن أستشيرك في أمر عظيم ، قال: ما هو يا سيدي؟
قال : إن لي إبنة واحدة وتقدم لها فلان وفلان وفلان من الأثرياء فيا ترى لمن أزوجها.
قال له المبارك : يا سيدي إن اليهود يزوجون للمال ، والنصارى يزوجون للجمال ، والعرب للحسب والنسب ،
والمسلمون يزوجون للتقوى ، فمن أي الأصناف أنت؟ زوج إبنتك للصنف الذي أنت منه.
فقال نوح : والله لا شيء أفضل من التقوى ، ووالله ما وجدت إنسانا أتقى لله منك فقد أعتقتك لوجه الله وزوجتك إبنتي.
وسبحان الله ، عف المبارك عن رمانة من البساتين ، فساق الله إليه البستان وصاحبة البستان ،
والجزاء من جنس العمل ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
فكانت النتيجة أن هذه المرأة أنجبت من المبارك ولدا أتدرون من هو؟
إنه شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك.