يذكر أن رجلا من بني إسرائيل قال : يارب!
يذكر أن رجلا من بني إسرائيل قال : يارب! أريد أن أعبدك عبادة ما عبدك بها أحدا من الناس إلا الأنبياء.
فأمره الله أن يخرج إلى جزيرة من الجزر في وسط البحر ،
فأتى هذا الرجل المسكين العابد فخرج إلى جزيرة وحده لا زوجة ولا ولد ولا أهل ،
ولا قبيلة يعبد الله خمسمائة سنة ، فأنبت الله له شجرة من رمّان ، وكان إذا إشتهى الأكل قطف الرمانة وأكلها ،
وصلى وعبد الله وذكره وسبحه وتأمل في مخلوقاته.
فلما عبد الله خمسمائة سنة توفاه الله وليس له ذنوب ، ما أكل مال أحد ، ولا اغتاب أحد ، ولا أكل الربا ،
ولا استمع الغناء ، ولا شهد شهادة الزور ، فلما قبض الله روحه قال : يا عبدي! أتريد أن تدخل الجنة بعملك أم برحمتي؟
قال : أريد أن أدخل الجنة بعملي ؛ لأنه توهم أن عبادة خمسمائة سنة تخوله وتؤهله لدخول الجنة.
قال الله : تريد الجنة بعملك أم برحمتي؟
فقال : بعملي يا رب.
قال الله : نحاسبك بقدر النعم التي أعطيناك وبقدر عبادتك التي عبدتنا إياها.
فتقدمت الملائكة بالميزان يحاسبونه فنشروا له الصحف ، وعدّوا نعم الله عليه وعبادته ،
فوجدوا عبادته جميعاً لا تعدل إلا نعمة البصر ، وبقية نعمة القلب والسمع والحياة ، والتنفس والعقل ،
والهداية وغيرها ، قال الله : خذوه إلى النار.
قال : يا رب! أسألك أن تدخلني الجنة برحمتك.
إذاً مهما فعلنا ، ومهما صلينا وصمنا وذكرنا الله ،
والله إننا مقصرون إلى أبعد نهاية ، لكن أملنا في الواحد الأحد أن يغفر لنا الذنوب والخطايا.