قصص منوعة

يروى أنه كان هناك رجلا ثريا يعيش في نعمة

يروى أنه كان هناك رجلا ثريا يعيش في نعمة وكان أغنى أهل قريته ، وكانت عائلته مكونة من أم عجوز طريحة الفراش تكاد تكون منسية تماما ،

وأب وأخوه وأبناء وزوجة.

وكان هو بالنسبة لهم السيد المتفضل والمنعم الذي لا يخالفون له أمر ولا يردون له طلب ،

ولكن هذا الرجل لا يصلي ولا يذكر ربه ولا يهتم لأمر الآخرة.

وذات يوم بينما كان يجلس على الشاطئ على كرسي عرشه يرقب سفنه وتجارته وعماله ،

جاء إليه رجل من أهل الصلاح فسلم عليه وجلس يحاوره بالصلاة والرجوع إلى ربه.

فأجابه بأنه ليس في حاجة إلى الصلاة لأنه يمتلك كل شيء ،

المال والجاه والعائلة المحبة ولا ينقصه شيء أبدا حتى يفكر في الصلاة وأعمال الدين.

فقال له إن عبادة الله ليست من أجل الدنيا فقط ، وإنما يجب أن يفكر في آخرته أيضا ،

وأن كل هؤلاء الناس لن ينفعه تقديرهم له وأهله لا يحبونه ، بل يتمتعون بماله فقط.

ولكن بعد موته لن ينفعوه بشيء أبدا ، ولن يفكروا في تخفيف الأذى عنه حتى لو قليلا ،

وأنه بعد موته سوف يجد نفسه وحيدا ولن يبقى معه إلا عبادته لربه.

فلم يصدق الرجل الغني كلام الناصح.
فقال الناصح : هل تريد أن ترى صدق كلامي لك.
قال الثري : نعم.

فجاء الرجل بتابوت ومعه حمالين ليحملوه إلى أهله ويخبرهم أنه مات ويرى ماذا يصنعون ،

فوافق الثري ونام فالتابوت وحمل إلى أهله ، والرجل الناصح يرافقه حتى وصلوا إلى قصره.

فأدخلوه على إخوته وكانوا جالسين في ساحة القصر ووضع التابوت ، وأخبروهم أن أخوهم وولي نعمتهم مات.

فتصايحوا وبكوا بشدة ، ولما أرادوا أن يفتحوا التابوت ليروه النظرة الأخيرة ،

قال لهم الرجل الصالح : لا تفتحوه ومنعهم.

قالوا لماذا.

إقرأ أيضا: المغفلة قصة قصيرة

قال لهم : إنكم كما تعلمون أخاكم لم يكن يصلي ولما مات جاء ثعبان كبير وجلس معه في التابوت ليعذبه حين يدخلوه في القبر ،

1 3 4 10 1 3 4 10

ولكن هناك أمل في انقاذه وهو أن يأتي أحد من أهله ويلمس أقدام الميت حتى يعطيه من عمره فيعود للحياة ،

فيتوب ويصلي فيرضى الله عنه وذكرهم بفضله عليهم حين كان حيا.

فرفض الإخوة وقالوا كانت له حياة طويلة ورفض الصلاة فيها ، فلماذا نعطيه الأن من حياتنا ، إذهبوا به إلى القبر.

والرجل الثري يستمع بصمت ويتألم مما يسمع من نكران المعروف.

وبينما هم كذلك إذ جاء أبوه وأخبروه أن ابنه مات فبكى وانتحب وطلب أن يراه ،

ولكن الناصح رفض كما فعل مع إخوته وأخبره بما أخبرهم به ، والثري يسمع.

فقال في نفسه هذا أبي الذي رباني ويحبني وهو سينقذني.

ولكن جواب الأب مثل جواب الإخوة ورفض أن يلمس أقدام إبنه ، وقال : إذهبوا به ألى القبر.

فقال الرجل نادوا أبنائه فلعلهم ينقذوا أباهم.

فقال الثري في نفسه : نعم إنهم أبنائي وكم بذلت لهم العطايا وكم أغرقتهم في الحب وصنعت المستحيل من أجلهم ،

فهم الذين سينقذونني.

ولكن الأبناء كانوا مثل جدهم وأعمامهم ، رفضوا إنقاذ أبوهم وقالول إننا مازلنا صغارا في مقتبل العمر ،

ونريد التمتع بالحياة وبالمال الذي تركه أبونا لنا ، إذهبوا به إلى القبر.

فقال الرجل نادو زوجته فلعل في قلبها حبا يستطيع إنقاذ زوجها من الهلاك.

ولكن الزوجة كان جوابها مثل جواب البقية ، إذهبوا به إلى القبر.

إقرأ أيضا: يحكى أنه كان هناك ولد صغير يزور بيت جدته في مزرعتها

فقال الرجل مسكين هذا الرجل عاش طول حياته يسعى من أجل عائلته ولكن لم ينفعه كل ما صنع من أجلهم وحبهم له ،

لم يستطع إنقاذه من النار هيا نذهب به إلى القبر ، فلم يبقى من عائلته أحد ينقذه.

كل هذا والرجل الثري يسمع ويبكي بحرقه
فقال أصغر إخوته بقيت أمه.

قال الرجل الناصح إذهب ونادي أمك لتأتي ،
فقالوا إنها كبيرة وطريحة الفراش.

قال الرجل إحملوها لعلها تنقذه ، والرجل الثري يسمع ويبكي ويقول في نفسه إذا لم ينقذني كل هؤلاء ،

فهل ستنقذني أمي التي أهملتها وتركتها ولم أحسن إليها كل هذا الوقت ، منذ أن رقدت في فراشها وأنا نسيت أن لي أم.

فاتو بأمه وأخبروها بأن ابنها مات ، فبكت بشدة وانتحبت وطلبت أن تراه.

فمنعها الرجل الناصح وأخبرها بما أخبرهم به وطلب منها إنقاذه ، فوافقت.

فتعجبوا منها وقالوا لها : توافقين على إعطاءه ما تبقى من حياتك ، قالت : نعم.

قالوا : ولكن ما نالك من ماله شيء ولا من إحسانه شيء ، فلماذا تنقذيه؟

قالت إنه إبني وأنا التي حمتله في بطني وتغذى من دمي ،

منعني النوم والأكل والشرب براحة ، أخرجته بشق نفسي وربيته بثمن راحتي ولن أتركه لنار وعذاب الآخرة.

فبكى الرجل الثري وقام إلى قدمي أمه يمسحها ويقبلها ويعتذر لها ويطلب الصفح ، وقال :

أمي أنتي جنة الدنيا ، وصلاتي مفتاح جنة الآخرة ، فكيف كنت أضيعهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?