نحو حياة أفضل

يقال أنه منذ زمن ولى كانت حين تقام الحرب

يقال أنه منذ زمن ولى كانت حين تقام الحرب ويخاف الناس على أطفالهم الرضع يقومون بوضعهم على ظهر الخيل وربطهم جيدًا ثم يطلقون سراح الخيل ،

فيحمل الخيل الطفل إلى قدره المجهول إما إلى أسرة تعتني به وإما إلى صحراء جارفة يموت الطفل بها

وإما إلى أسرة تبيعه في سوق النخاسة بأي ثمن .

في مساء يوم ممطر وقف حصان وبدأ بالصهيل بشكل ملفت أمام دار الحاج أحمد والذي فتح الباب مسرعا

ليجد طفلًا باكيًا لعله الجوع أو الخوف

أمسك به الرجل باكيًا شاكراً وأدخل الطفل والحصان لداره وأغلق الباب ،

لم يفهم أحد من المارة ماذا يحدث ومضت الليلة .

في صباح اليوم التالي خرج الحاج أحمد يمتطي الحصان نفسه ذاهبًا إلى عمله حيث الفلاحة في الأرض التي ورثها عن أبيه ،

وفي طريق العودة مرت به عجوز فقيرة لتخبره أنها لا تملك حتى قوت يومها هي وأحفادها اليتامى

فأعطى إليها كل ما جمعه من محصول في هذا اليوم والذي كان من المفترض أن يذهب به للسوق لبيعه ،

استنكر عليه الناس فعلته وبدأوا يشكون في اتزان عقله وعاد لداره .

في اليوم التالي خرج كعادته متجهًا لأرضه وقد كان الفلاحون حينها يعملون في أراضيهم حتى العصر

ثم يذهبون لبيع المحصول في السوق ليتحصلوا على رزق واسع ،

لكنه عند الظهيرة حلّ عليه التعب فقرر الذهاب للسوق والاكتفاء برزقٍ بسيط

وعند ذهابه كان السوق لا زال خاليا الا من القليلين جدًا فجاء رجل واشترى منه كل بضاعته بثمنٍ غالي

وكأن الحاج أحمد قد باع محصول عدة أيام كاملة ،

وذهب واشترى من السوق الطعام والشراب وحتى الكسوة له ولزوجته ولذلك الطفل وحتى طعام الحصان

وعاد الى بيته في تعجبٍ شديدٍ من الجيران .

إقرأ أيضا: ماتت امراة من نساء المدينة المنورة

في المساء جاءه الجار ليسأل عن حاله وصحته وما يحدث معه هذه الأيام

فقد توفي جميع أولاد الحاج أحمد قبل عام حين سقطوا في النهر الجاري ولم يجدوهم الا حين طفت الجثث على وجه المياه

1 3 4 10 1 3 4 10

وحتى الصبي الأخير والذي ولد منذ اسبوع توفي بعد يومين من ولادته ومات الحمار الذي يركبه ذاهبًا لأرضه

فضحك الحاج أحمد قائلًا عوضني الله عوضني بكل ما طلبته عوضني عن كل ما فقدته

وأهداني فرحة العمر وبهجته في أيام بعد الصبر على الفجائع المتوالية .

قال الجار باندهاش: كيف !؟

فرد الحاج أحمد : ليلة المطر بكيت كثيرًا كثيرا وسألت الله أن يعوضنا أولادًا ورزقًا وفرحةً

فدخلت زوجتي وقالت أن ثديها لا زال يمطر بالحليب رغم وفاة الرضيع منذ أيام ولم ينقطع الحليب منها

وبدأت تبكي وهي تتذكر ما حلّ علينا من مصاب فقلت لها سيعوضك قالت كيف ؟!

فسمعنا حصانا يصهل بشدة ففتحت الباب لأجد رضيعاً باكيًا يحمله حصانًا قوي فدخلت عليها وقلت أرضعيه فنظرت متعجبة : ما هذا !؟

قلت لها : هذا عوض الله إلينا ولم ينضب حليبك لأنه رزق هذا الطفل فلنتخذه ولداً

وعوضنا الله عن الحمار بحصان قوي كان هذا يوم المطر .

في اليوم التالي وبينما أجمع المحصول تذكرت ما حدث فبكيت وناجيت الله قائلا: يارب كما أعطيتني ما طلبت فسخرني لطلب عبد من عبادك .

وحين عودتي وجدت عجوزًا فقيرة لا تملك قوت يومها فعلمت أن الله سخرني في طريقها لأساعدها

فأعطيتها كل ما لدي رغم فراغ بيتنا من كل شيء سوى خبز جاف وماء قليل .

وفي صباح اليوم حلّ عليّ التعب ولم أجمع سوى القليل من المحصول فارتضيت بقليلي وذهبت للسوق فجاء رجل وقال :

إقرأ أيضا: الماء الحي

أنا من حرس الملك وقد رزقه الله اليوم بالولد الذي يتمناه منذ زمن فأرسلني للسوق وقال لي اول بائع تجده اشترِ منه كل المحصول بمئة دينار

أياً كان ما معه حتى وان كان قليل كان يعد هذا المبلغ كثيرًا في هذا الوقت .

ضحك الجار بعدما اقشعر بدنه من رزق الله وعوضه لهذا الرجل الذي فقد كل شيء

فأعطاه الله كل مافقد في اسبوع واحد لتكون فرحة عمره بكل ما تمنى بعدما فقد كل شيء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?