نحو حياة أفضل

يقول أحدهم مُؤخرا إكتشفنا بالصدفة

يقول أحدهم مُؤخرا إكتشفنا بالصدفة أن صديقنا البالغ من العمر 34 سنة ، يقدّم راتبهُ كلّهُ لوالدتهِ ، وهي من تعطهِ مصروفه!

يومهَا سخروا منهُ كثيراً وأهانوه ، وقالوا لهُ بأنّها لازالت تراهُ طفلاً وأنهُ غيرَ قادر على تحمّلِ المسؤولية!

إنزعجَ كثيراً حينها ، وذهبَ وتركنَا ، لحقتُ بهِ لأهدّئهُ وأخفّفَ عنهُ.

قال لي: أنا تعرفتُ عليكُم منذُ 6 سنوات ، لمّا إنتقلت لهذا الحي ، ولكن لا أحد يعرف ما مررتُ به أنا وعائلتي قبل هذه الفترة!

والدي توفي ، وتركني بعمر 11 سنة تقريباً ، في منزلٍ للكراء ،

والدتي كانت إمرأة ماكثةٌ في البيت ، فجأةً وجدت نفسها تحمل مسؤولية طفلين ، دون مال ودون منزل ملك ، بدون ولا شيء!

الأشهُر الأولى كانت تأتينا مساعدة من الخال أو العمّ ، لكن فيما بعد إِنقطعت!

كانَ إجبارياً على والدتي أن تجدَ مصدراً للدّخل لكي تنفقهُ علينا ، بدأت بعدها بخياطة” القشّابية” ،

وهو لباس تقليدي تشتهرُ بهِ ولاية الجلفة التّابعة لدولة الجزائر.

بعدها قررت أن توفّر ثمنَ الكراء ، وإنتقلنا للعيشِ مع جدي ، كانَ من حين للآخر يتقدّمُ لها رجل للزواج كانت ترفضُ دائما!

دخلنا للمدرسة وتخرجنا من الجامعة ولم تنقص عنا يوما شيء ، وفرت لنا دائماً ما نحتاجه وأكثر ،

مهما تكلمت لن أنصفها حقّها ، لما عانتهُ وتحمّلتهُ بسببنا!

إختارت أن تضحي بحياتها الخاصة من أجلنا ، كانتِ الأم والأب في آنٍ واحد!

الآن أنا وأخي كلانا موظف لدى الحكومة بشاهادتنا الجامعيّة ، وبفضلها الآن نحن نملكُ بيتنا الخاص ، وجهّزتهُ لنا من كل شيء!

إقرأ أيضا: لا أحتاج سوى كيلو واحد

هي لم تطلب يوما من مقابل مادي أو معنويّ ، ولكن نحن نقوم بذلك كشكر وعرفاناً لها ،

ولتشعر دائماً أننا ليس بغنى عنها وأنّها هي الأساس ولو تطلبُ عمري لن أتوانا لحظة في أن أقدّمهُ لها ،

سأبقى مدين لها طولَ حياتي ، وامرأة مثلها كافحت وتعبت من أجل أن أبلغ هذا العمر وهذه المكانة وأعيش بكرامة وعزّة نفس ،

لن تكون عائقاً أمام سعادتي ما تبقى لي من العمر ستكون لي سندًا دائما.

أتركوا الناس تختار طريقة عيشيها كما يحلوا لها ، وليس كما يحلوا لكم أنتم!

1 3 4 10 1 3 4 10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?