يقول ابن الجوزي لقد تاب على يدي في مجالس الذكر

يقول ابن الجوزي لقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف ،
وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس ،

ولكم سالتْ عينُ متجبرٍ بوعظي لم تكُنْ تسيل ،
ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ،

ما فيهم إلا من رقَّ قلبه ، أو دمعت عينه ،
فقلتُ لنفسي : كيف بك إذا نجوا وهلكتِ؟!

فصحت بلساني وجدي : إلهي وسيدي ، لئن قضيتَ عليَّ بالعذاب غدا ،

فلا تعلمهم بعذابي ، صيانةً لكرمكَ لا لأجلي ،
لئلا يقولوا : عذَّبَ من دلَّ عليه!

يا صاحبي ، لن يصل إلى اللهِ معجب بنفسه ،
ألا وإن الصالحين كلما إقتربوا من ربهم ،

كلما شعروا بتقصيرٍ لم يشعروا به من قبل ،
ذاك أن الإنسان كلما ذاقَ حلاوة القرب ،

غص بشيء من مرارة البعد التي لم يجتزها بعد ،

الأمر أشبه بحال العالم والجاهل : الجاهل يحسب أنه يعرف كل شيء ،

أما العالم فيعلم أنه يجهل الكثير ، لا شيء يكشف مساحة جهل الإنسان مثل أن يتعلم!

أما الجاهل فإنه يجهل ما لا يعلم لهذا يحسب نفسه علامة زمانه ،

وهكذا هو الأمر مع الإيمان! الذي يتصدَّقُ يستشعر تقصيره ، لأنه رأى أنه لم يَسُدَّ إلا ثغرةً واحدة!

أما الذي يعيش لنفسه فمستريح ،
الجهل أحيانا نعمة مريرة!

إقرأ أيضا: لما سمع عكاشة أن سبعين ألفا سيدخلون الجنة بغير حساب

تماماً كنعمة البهائم لا حساب ولا عذاب ،
ولا هم دنيا ولا هم آخرة!

والذي يصوم تطوعا تجده يشعر بالتقصير ،
إن فاته يوم اعتاد أن يصومه ولم يصمه!

أما الذي لا تشغله هذه الأمور فلا يشعر بمرارة فقدها ، لأنه بالأساس لم يذق حلاوة وجدها!

صدقني لو جاؤوا بقائم ليل وربطوه في سريره ، لبكى لأنه سيشتاق وقوفه بين يدي ربه ،

أما الذي لم يجرب هذه اللذة ، ولم يغمس روحه بها ، فسريره جنته!

Exit mobile version