يقول الدكتور خالد عمارة في يوم من الأيام كان أغلب الفتيات والنساء في البلد يحرصن على الملابس المحتشمة
لأن الإنسانة الطبيعية الحرة تستحي أن ينكشف جزء من جسدها أمام الأغراب.
تعتبر جسدها ملك لها وحدها ، لا ينكشف إلا أمام أسرتها وأقرب الناس لها.
ولأن الإنسانة الطبيعية الحرة تريد لمن يتعامل معها أن ينظر لها كإنسان وعقل وروح ،
لا أن ينظر لها كمؤخرة أو افخاذ أو ثديين ، أو ألوان تدهن بها الوجه والفم والخدود!
كان جسدها لا يراه إلا من يحبها حقا ، يحبها وبينهما حياة وعشرة عمر يكبرون معا ،
فيظل يراها جميلة ، ليس لأن جسدها مختلف لكن لأن العشرة والذكريات بينهما كثيرة.
حتى مع تقدم العمر وترهل الجسد ، يكبرون معا فلا تخجل من نفسها أمامه.
كانت مقاييس الإحتشام منطقية
لا يشف ، يعني لا ترى من خلال الملابس ما تحتها.
لا يصف ، يعني لا تعرف شكل الجسد من تحت الملابس.
ولا يكشف ، يعني لا تتعرى أجزاء من الجسد أمام الأغراب.
ثم ظهرت بعض النساء في المجتمع ، يستعملن كشف أجسادهن لإجتذاب الأنظار.
كن يعتبرن رأس مالهن في الحياة هي شكل المؤخرة أو الثديين ،
مع تشجيع من الإعلام وتلميع من أجهزة الدعاية في السينما والتليفزيون.
مبروك ،إنها الحرية ، حرية خلع الملابس ،و ليست حرية العقول ولا الأفكار.
نجحت الإستراتيجية في لفت أنظار بعض الكلاب الجائعة ، وبعض الرجال الذين ينظرون لللحوم الرخيصة بلا حياء.
أصبحت تشعر أنها نجمة الشارع نجمة الحي ، أو المكان ، رغم قصر الفترة!
وطبعا أصبح هذا النوع من النساء يجتذب نحوه ما يناسبه من رجال ، رجال بلا شهامة ولا شرف ،
رجال يسيل لعابهم وراء متابعة أجساد النساء بدلا من عقولهن وأخلاقهن.
إقرأ أيضا: لطائف من أخبار العرب
وتزايد عدد الرجال الحقيرة ليتناسب مع زيادة المعروض من نساء رخيصة.
لكن بالتدريج تزايدت المنافسة بين النساء الرخيصة! وتزايد المعروض!
أصبح ما يصف لا يكفي ، لابد من كشف المزيد من جسدها كي تنجح في لفت الإنتباه.
كي تجد عدد كافي من الكلاب الجائعة ليمشي وراءها ويشبع إحتياجها في لفت الأنظار ، كي تفوز في المنافسة على أنظار الرجال.
ومع تزايد العرض مقابل الطلب تضطر النساء لمزيد من التنازلات ، مزيد من التعري
مقابل الحصول على بعض الإهتمام أو نظرة أو تواصل.
طوال الوقت يقدم الإعلام الوعود بأن مزيد من الإهتمام سوف يرفع فرصتك في أن تجدي من يحبك ويهتم بك !
مسابقة من التنازلات في سبيل الحصول على من يحبك ويهتم بك يا سيدتي ،
كل المطلوب منك هو شراء الموضة الجديدة التي تنتجها مصانعنا ،
ومساحيق التجميل التي تبيعها شركاتنا ، وجراحات التجميل التي يجريها أطباءنا.
مع وعد منا أنك سوف تجدي الرجل العسول الجائع المناسب الذي يلفت نظره شكل وجهك وحجم مؤخرتك ،
ليهتم بك ويقدم لك الحب والحنان والإهتمام الذي تحتاجينه ،
والذي نحكي عنه في الإعلانات والأفلام والمسلسلات!
ولكن مع تزايد العرض ، أصبح الرجال الجائعين قادرين على المقارنة.
أصبح هؤلاء الرجال يرون عيوب أجساد النساء المعروضة ، ويقارنون بينهن.
هذه مؤخرتها ليست جذابة بما يكفي ، وتلك سمينة أكثر مما يجب ، وهذه رفيعة أكثر من اللازم ،
وتلك بطنها فيها تجاعيد ، وهذه ساقيها كذا ، وتلك جلدها كذا ، هذه أنفها كذا وتلك وجهها كذا.
هذه جسدها جيد في كذا لكن عيوبه كذا وكذا وكذا.
أصبح سوق الأجساد المفتوح واسع وكبير ومزدحم بالمعروضات!
إقرأ أيضا: قطعة من الجنة
ولكن ، النساء أكثر حساسية بكثير من الرجال فيما يتعلق بشكل أجسادهن.
أصبح إستعراض الأجساد أكثر من اللازم ، ومعه انخفض السعر. ،وانكشفت العيوب!
ولا توجد مرآة بدون عيوب!
فأصبحت كل فتاة أو سيدة تمشي وبداخلها شعور بالنقص.
فهي تعرف الآن أن الجميع يعرف عيوب جسدها ، ظاهرة واضحة أمام الجميع ، ويقارنها بالآخرين.
يقارنها بزميلاتها وجاراتها وقريباتها ،
فضلا عن مشاهد الإعلام والتليفزيون التي يتم تصويرها بعناية لإخفاء العيوب وإبراز المزايا .. المفاتن.
وشعورها بالنقص يكون مبالغ فيه بسبب حساسية النساء لشكل أجسادهن.
وبما أن الرجل يلتفت إهتمامه بالنظر والعيون ،
بينما المرأة تبحث عن الحب والمشاعر والإهتمام ، أصبحت منافسة غير عادلة.
معرض وسوق كبير من الأجساد ، ولم تصبح فتاة عارية وحيدة تلفت النظر وسط كثيرات ممن يسترن أجسادهن ،
بل تزايد عدد العرايا وتناقص عدد المستورات.
وكلهن يبحثن عن إنسان يعاملها كبشر ويهتم بها ويحبها.
مسابقة تعرية الأجساد لم تحقق حرية النساء ، بل زادت من استعباد النساء ، والخاسر الأكبر فيها هن النساء.