يقول طلبت مني بنيتي شراء المثلجات لها ، لكن بسبب إنشغالي مع مشاغل الحياة المختلفة رفضت طلبها وأجلته للغد.
قلت لها : ليس الأن ، غدا سأشتريها لك ، أنا مشغول جدا اليوم ،
لكنها بدل إلحاحها كما يفعل الأطفال عادة ، قالت لي : ماذا لو توفيت غدا؟
صدمني جوابها ، فتاة بمثل سنها تدرك حقيقة الموت التي يمكن لهه خطف الأرواح في أي لحظة ،
كانت دون إستأذان مسبق ، وهذا منذ وفاة زميلة مدرستها المفاجئ.
باتت تهددني الصغيرة برحيلها المفاجئ دون عودة ، فعاتبتها بشدة ومنعتها من تكرار قول هذا مع أني أدرك صحة كلامها ،
لكنه مرعب جدا ، مرعب لدرجة لم أتحمل سماعه ولو مزاحا!
مضيت في طريقي هروبا منها ، لكن شيء ما أجبرني على التوقف والعودة إليها ،
بعد أن اقتنيتها لها مسلما لحقيقة ما قالته.
خشيت فعلا أن ترحل دون أن أشتري لها المثلجات التي طلبتها ،
دون أن ألبي لها طلبا صغيرا عجزت عن تحقيقه لها جراء مبررات واهية لا أساس لها.
مضت الأيام ولم تعد تقولها ، إمتنعت عن ذكر تلك العبارة بعد أي طلب كان ، لكني بقيت أسمعها ،
فأجبر نفسي في كل مرة على تلبيته لها في أسرع وقت ممكن.
ليس هذا فقط ، بل حتى عندما تتصل بي تسأل عن سبب تأخري في الخارج ،
فتردد ما تقوله والدتها دوما ، تمهل لا تسرع في قيادتك فنحن لن نهرب ،
خفف من سرعتي مهما كنت مشغولا ومتعبا ليس لأنها لن تهرب فعلا كما تقول هي ،
فالموت موجود في أي مكان وفي أي لحظة.
لكن حتى أحافظ على نفسي قدر المستطاع من أجلها ، لأظل معها ،
لأشتري لها مثلجاتها وأحقق لها أمنياتها التي لا تفوق حجمها ،
فكأنما كانت تقول لي لا تسرع يا أبي ، تمهل ، ماذا لو رحلت فجأة من سيشتريها لي إن اشتهيتها؟