يقول كانت جارتي تبادلنا النظرات ، ثم الإشارات ثم تلاقينا لنتبادل الهمس ،
وليضغط كل منا على يد الآخر.
ثم ذهبنا إلى سينما ، وفي الظلام وشوشت في أذنها بكلمة الحب ولمست يدها ، وخدها.
وبعد شهور إختليت بها في بيتي وأعطتني نفسها. جسما وروحا ،
ومنذ أيام ، كنا نتكلم أنا وأبي وأمي ، ولاحظت أن أبي وأمي يتبادلان النظرات والإبتسامات ،
ثم قالا لي إنهما خطبا لي عروسة ، وذكر لي إسمها ودار رأسي ، وأظلمت الدنيا في عيني ،
فقد كانت هي نفسها جارتي.
وكان أبي وأمي يتكلمان في براءة ،
وكانا مسرورين وكانا يقولان إنها بنت طيبة وشريفة ،
ومن أصل طيب ، ومن المدرسة إلى البيت ، ومن البيت إلى المدرسة.
ولا تعرف مياعة البنات وصفاتهم المشمئزة ، ولم تطلع عليها سمعة سيئة مثل غيرها من بنات الجيران.
وكنت أسبح في عرقي :
لقد كنت الوحيد الذي يعلم أمر هذه البنت الشريفة الطيبة التي لا تعرف مياعة بنات اليوم.
كنت أنا الوحيد الذي أعرف مياعتها ، ودلعها ، وخسارتها.
ولأول مرة ، حينما بدأت أتصور أنها زوجتي أحسست أني أكرهها بكل ما في كلمة الكراهية من معنى ، ولا أطيق رؤيتها.
لقد كان حلمي طول حياتي أن أعثر على إمرأة طاهرة ، وأن إبني بيتي على حب طاهر نظيف.
ترى ، هل فات الأوان؟
كان يجب أن تكره نفسك أولا ، وكان يجب أن تبحث عن الشيء النظيف في داخلك أنت أولا.
إنك باسم الحب إستدرجت صاحبتك حتى إختليت بها ،
ثم بصقت عليها واعتبرتها غير نظيفة.
إقرأ أيضا: إتهمت سيدة بريطانية كلب الجيران ويدعى كوفو بمواقعة كلبتها
غير نظيفة لماذا ؟ لأنها صدقت كلامك وطاوعت رغبتك ، لأن فيها نفس الضعف الذي فيك.
إن الرجال أمثالك هم أسباب محنة البنات وعذابهن ويأسهن.
إن الرجال أمثالك : يجرون خلف المرأة ، فإذا إستسلمت تركوها ، وإذا ردتهم خائبين تركوها أيضا.
والنتيجة أن البنت تقع في ورطة ماذا تفعل لترضى الرجل ؟
إنها إذا قاومته قال عنها رجعية ، وإذا إستسلمت له قال عنها غير نظيفة.
وهو يدعي أنه يبحث عن حب طاهر ، وهو في الحقيقة يكذب لأن الحب الطاهر لا يعنيه أبدا.
والنهاية أن يتزوج في سن اليأس بعد أن يتعب من نفسه ومن غبائه ، ويترك ذقنه للخاطبة ،
أو للمصادفة تختار له.
ويدخل إلى إمرأة ليس بينه وبينها تعارف ولا تفاهم ، ويتحول إلى زوج شكاك غيور سخيف ،
وتخونه زوجته من أول يوم لأنه لا يحتمل؟
وهو في أحسن الأحوال يكون زوجا غبيا بليدا ميت الإحساس يائسا من نفسه ومن مثالياته ،
ومثل هذه الزوج تخونه زوجته أيضا ، لأن وجوده مثل عدمه ،
والنهاية أن تتحول حياتنا إلى فشل في فشل.
فشل في الحب ، وفشل في الزواج ، وفشل في الأسرة ،
والسبب واحد في كل هذه الحالات ، وهو إنعدام الصدق.
ولو كنت صادقا مع نفسك لما أنكرت على فتاتك أن تكون ضعيفة ،
لأنك أنت أيضا كنت ضعيفا مثلها ، وقد تبادلتما أنتما الإثنين هذا الضعف.