إسلام

آمنة بنت وهب المعروفة بزهرة قريش

آمنة بنت وهب المعروفة بزهرة قريش

أفضل فتيات قريش نسبًا وموضوعًا حتى أنها كانت مخبأة من العيون سنوات طويلة ،

حتى كانوا لا يعرفون ملامحها ، فكانت فتاة ذات مكانة عالية بين جميع فتيات قريش الذين بسنها ،

ولا يوجد شاب إلا ويتمنى أن تكون من نصيبه.

‏قلة هم الذين تمكنوا من رؤية آمنة بنت وهب ، وما من إمرأة رأتها إلا وحدثت عنها وعن جمالها وأدبها ورزانة عقلها وفطنتها ،

مما جعلها محط أنظار الكبير والصغير ، وتقدم لخطبتها العشرات من خيرة شباب مكة ،

لكن والدها كان يرفض باستمرار لرغبته برجل ذات مواصفات معينة.

‏فإبنته من أفضل فتيات مكة سمعةً ، ولا يريد لها إلا أفضل شبان مكة سمعة ، وعلى الرغم من أن خيرة شباب مكة تقدموا لها ،

لكن لم يكن عبد الله بن عبد المطلب” من الذين تقدموا لخطبتها برغم ما له من الرفعة والسمعة والشرف ،

فقد منعه من التقدم إلى “آمنة” نذر أبيه بنحر أحد بنيه لله عند الكعبة.

‏حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر ، لم يكن له من الولد سوى ابنه “الحارث”،

فأخذت قريش تعيب عليه ذلك ، فنذر يومها إذا ولد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة ،

فأنعم الله عليه بعشرة أولاد أصغرهم “عبدالله” وهو الذي استقر عليه السهم ليكون هو الذبيح.

‏لكن عبد المطلب لم يستطع الوفاء بنذره لأن عبد الله أحب أولاده إليه وأكثرهم معزة في قلبه ،

فذبح مئة من الإبل ليفدي ابنه من الذبح ، وبعد أن انتهت قصة الذبح أخذ عبد المطلب إبنه عبدالله إلى وهب ليخطب آمنة لابنه فغمر الفرح نفس “آمنة”.

‏وكان الفتيات يحسدن آمنة لأن عبدالله اشتهر بالوسامة ، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرًا ،

وكان الشباب يحسدن عبدالله لأن آمنة من خيرة فتيات مكة كما ذكرنا ،

إقرأ أيضا: عندما طعن سيدنا عمر رضي الله عنه

ووفق الله أخير شبان مكة مع أخير فتياتها وجمع بينهم لتبدأ قصتهم العظيمة والقصيرة.

‏مكث عبدالله عند عروسته أيام قليلًا لأنه كان عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى الشام ،

ومرت الأيام وشعرت خلالها “آمنة” ببوادر الحمل ، وكان شعورًا خفيفًا لطيفًا ولم تشعر فيه بأية مشقة أو ألم حتى وضعته ،

1 3 4 10 1 3 4 10

لكنها في ليلة زفافها رأت رؤيا عظيمة وغريبة أفزعتها وأثارت دهشتها.

‏رأت آمنة شعاعاً من النور خرج منها فأضاء الدنيا من حولها حتى تراءت لها قصور بصرى في الشام ،

وسمعت صوتًا يقول لها: يا آمنة لقد حملتِ بسيد هذه الأمة ،

ظل هذا الحلم في مخيلتها ولم تنساه وكانت تحدث أقرب الناس لها عنه باستمرار حتى مضت شهور وجاء الخبر القاسي.

حين علمت آمنة من أبيها بوفاة زوجها وحبيبها عبدالله أثر تعرضه لمرض أثناء رحلته فتوفي بيثرب ودفن فيها ،

فوصل الخبر لآمنة لكنها لم تبك عليه وحدهاز، بل بكت عليه مكة كلها ،

ومع ذلك صمدت آمنة حتى تحافظ على سلامة جنينها ، وبالفعل جاء اليوم الموعود ووضعت وليدها.

‏وأنزل الله عز وجل الطمأنينة والسكينة في نفس “آمنة”، وأخذت تفكر في الجنين الذي وهبها الله عز وجل ،

والذي وجدت فيه مواساة لها عن وفاة زوجها الحبيب ، ووجدت فيه من يخفف أحزانها ،

وجاءتها آلام المخاض ، فكانت وحيدة ليس معها أحد ، ولكنها شعرت بنور عظيم يغمرها من كل جانب.

‏فولدت أشرف الخلق محمد صل الله عليه وسلم ، وما لبث عندها قليلًا حتى أرسلته للبادية عند حليمة السعدية ،

كعادة العرب في إرسال أبنائهم للبادية ،

وعندما عاد من عند حليمة رآت أمنة أنه من باب الوفاء لزوجها أن تذهب لزيارة قبره مع إبنها محمد ،

فشدت الرحال وانطلقت بإتجاه يثرب مع صغيرها وسيدة تدعى أم أيمن.

‏وصلت آمنة بنت وهب مع إبنها إلى قبر زوجها عبدالله فوقف ابنها الصغير ونظر إلى قبر أبيه بحزن وتخيلات تعصف مخيلته عن شكله ومواقفه ومدى حاجته له ،

إقرأ أيضا: تقول حليمة السعدية قام زوجي إلى الناقة

فهو ولد يتيمًا وعاش طفولته بدون أب ، مكثوا قليلًا عند قبر عبدالله ثم أمرتهم آمنة بالرجوع لمكة بعد أن أدت واجب الزيارة.

‏قطعت آمنة مع إبنها وأم ايمن ١٥٠ كيلو حتى وصلوا للأبواء فشعرت آمنه بتعب شديد ولكنها صبرت وكانت متمسكه بيد أبنها ،

ومضت تصارع آلامها ونظراتها لا تفارق إبنها حتى تشبع روحها منه فهي شعرت أن هذا المرض لا شفاء منه ،

وهي مجرد لحظات وستذهب روحها لخالقها فأرادت اشباع نظرها بإبنها قبل الرحيل.

‏استمر التعب بمحاصرة آمنة وهي صامدة حتى تمكن منها فسقطت على الأرض وإذا بأم أيمن ترفعها والرسول ينظر لها بخوف ،

والدموع بعينيه البريئة تقول أم أيمن : فما أن رفعتها إلا وهي ترفع كفيها وتضم محمد ،

وتقول له: { يا بني كل جديد بال ، وكل آت قريب ، وكل حي ميت }.

‏فتموت آمنة والنبي ينظر لها وهي جثة والخوف والوحدة والحزن العظيم يجتاحوه من كل مكان ،

أم أيمن رأت حالته وعجزه فأخذت تمسح على راسه لتصبره فقالتله عاوني يا محمد لنحفر قبر أمك ،

ويالهُ من موقف طفل لم يتجاوز السابعة من عمره ينظر لقبر أبيه بالأمس وباليوم التالي يحفر قبر أمه.

‏فأخذ نبينا يحفر معها وهو يبکي وعمره ست سنوات وفي صحراء وفي جو حارٍ تقول أم أيمن كنت أدير وجهه عن أمه من شدة البكاء ،

فجلسنا أنا ومحمد ثم دفناها في ذلك المكان تقول أم أيمن : مسكته من يده لنذهب وهو يقول:

أمي نأخذ أمي معنا ويردد أمي أمي نأخذها ويبكي وينظر وراءه على أمل أن تلحقهم.

تقول أم ايمن فمشينا من الأبواء الى أن وصلنا مكه فتوجهت إلى بيت عبد المطلب فطرقت الباب فإذا عبد المطلب يفتح لنا الباب ثم قال للنبي:

إقرأ أيضا: إن قرآن الفجر كان مشهودا

أين أمك، فبكى النبي وهو يردد ماتت ماتت فضمه عبد المطلب وقال له : أنت ابني أنت ابني.

‏وبعد سنين طويلة في طريقه لفتح مكه تذكر تلك الأحداث فقال لصحابته هذا قبر أمي فوقف صل الله عليه وسلم على قبرها فبكى ،

فقال الصحابة : والله ما بقي أحد وقف معه إلا أبكاه وذات مرة زار قبرها وكان معه ،

ألفي فارس مقنع فقال لهم: “قفوا” أي انتظروا ، يقول أبو هريرة مازرأيت رسول الله أشد بكاءاً من ذلك اليوم.

‏إنها آمنة بنت وهب من أنجبت خير البشر صل الله عليه وسلم.

صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?